أو بالاستصحاب غير المعارض معه، أو ليس بواجب، لعدم جريان الاستصحاب الحكمي الوجودي مطلقا.
وإن شئت قلت: مفاد الاستصحابين مفاد المطلق والمقيد، فإذا نظرنا إلى كل واحد مستقلا يكون مقتضى أصالة الجد معه، وإذا لاحظناهما نجد امتناع كونهما جديين، فيجمع بينهما بحمل المطلق على المقيد، لو كان المقيد جاريا مع قطع النظر عما ذكرناه سابقا.
والمهم ما مر من: عدم جريانه ذاتا في الحكمي الوجودي والعدمي بالنسبة إلى الأحكام الكلية، كوجوب صلاة الجمعة، وعدم وجوب صوم الغد، أو صوم هذه الساعة، أو عدم وجوب صلاة هذه الساعة قبل الغروب عند الشبهة الموضوعية، وذلك كله لأن لسان الاستصحاب ليس إلا التعبد ببقاء المجعول، فلو شك في بقاء وجوب إكرام العلماء، وهكذا شك في بقاء عدم وجوب إكرام الفساق، فتعبدنا بهما، فهما عامان من وجه، ويعامل معهما معاملة العامين من وجه.
ولأجل إهمال ذلك قال " الكفاية " بامتناع كون الزمان قيدا وظرفا للوجوب الواحد (1)، بتوهم أن مفاد الاستصحاب دائما جدي ومطابق للجد، كمصب الاجماع، مع أن المقايسة في غير محلها. وعلى هذا مقتضى إطلاق دليل الاستصحاب، هو التعبد ببقاء اليقين، سواء كان متعلقا بالحكم الجدي، أو الحكم الانشائي.
وتوهم: أن المعاملة معهما معاملة العامين من وجه، أو المطلق والمقيد، تعد من الأصل المثبت، في غير محله، لما سيمر عليك تحقيق المسألة (2).
هذا مع أن الثابت بالاستصحاب الوجودي، هو الوجوب الجدي المطلق، والمنفي عدم الوجوب المقيد الجدي، وهذا لا يعقل إلا في صورة احتمال وجوده،