وما قد يتخيل من رجوع الاستصحاب هنا إلى قاعدة اليقين، فهو أيضا غلط، لقيام الضرورة على أنه قاطع بالطهارة الظاهرية في ظرف الشك فعلا.
نعم، لو أنكرنا جريان الاستصحاب في مؤديات الأمارات والأصول، يلزم إنكار الاستصحاب مطلقا، لعدم العلم الوجداني بالأحكام الواقعية إلا ما شذ، وما هو الشاذ منه واضح لا يشك فيه.
فالعلم الوجداني بنجاسة الثوب من قبل المني، يرجع إلى العلم بمؤدى الأمارة القائمة على نجاسة المني، فيكون من العلم بالحكم الظاهري، والشك عندئذ يعد من الشك في البقاء، أي بقاء النجاسة الظاهرية، وليس هذا من قاعدة اليقين. مع أنه قد عرفت وجه حجيتها. بل بناء على هذا لا بد من القول بها، فرارا من اللغوية القطعية المستوعبة.
ولعمري، إنه على القول: بأن باب الأمارات باب الإحراز والكشف الناقص الحجة شرعا (1)، ولا معنى لتتميم الكشف (2)، أو باب التنجيز والتعذير (3)، أو باب جعل المؤدى منزلة الواقع من غير النظر إلى المؤدي (4)، أو غير ذلك، فكله يمكن أن يجتمع مع ما ذكرناه من: أنه على جميع الفروض يكون على يقين بالحكم والموضوع في الشبهات الحكمية والموضوعية، ولو شك يعد من الشك الاستصحابي.
ويكفيك شاهدا ملاحظة حالك بالنسبة إلى الاستصحاب الاستقبالي، مثلا لو قامت البينة على أن وقت العصر موجود، ثم في وقت العصر شك في مقدار سعة