والالتفات آنا ما للجريان، لأن ما هو المستفاد من دليل الاستصحاب هو الحاجة إلى الشك على نحو القضية الحينية، أو التقييدية غير المطلقة، أو التعليلية على النحو الأول من الوساطة في الثبوت التي هي بحكم التقييدية.
وعلى كل تقدير: ما هو الظاهر أنه أصل تأسيسي في ظرف الشك على وجه يكون باقيا ولو كان مغفولا عنه، وأما لو كان مذهولا عنه في أفق النفس، فلا تساعد أخبار الاستصحاب ولا الأقوال عليه، كما هو الواضح.
ولو شك في هذه المسألة فالقدر المتيقن أيضا هو الشك الباقي. كما أنه لو شك في تلك المسألة فالقدر المتيقن هو الشك الملتفت إليه دائما.
وغير خفي: أن مما يؤيدنا - من أن الاستصحاب ليس إلا أن الأحكام في ظرف الشك فعلية، لليقين السابق، ومتنجزة به، إلا أن الغفلة عذر، كما في موارد الغفلة بعد اليقين بالموضوع أو الحكم -: هو أنه لو صح ما أفاده من الالتفات، يلزم أن يقال: بأن المكلف إذا شك بعد اليقين فيجري في حقه الاستصحاب، وإذا ذهل عن الشك فلا مجرى له، فإذا التفت ثانيا إلى الشك يجري إما الاستصحابان، أو استصحاب مؤدى الأول، وإذا ذهل فلا جريان، فإذا التفت إما يجري ثلاث استصحابات، أو استصحاب مؤدى الأخير وهكذا.
وهذا أقرب من الفقه، ضرورة أنه أمر كثير الابتلاء به في موارد الشك، والغفلة، والالتفات وهكذا، كما لا يخفى.