فذلكة البحث إن المنظور فيه في المسألة دليل الاستصحاب، فإما يكون دليل الطرق وأمارات موجبا لكونها يقينا في الحجية والتعذير والتنجيز، أو يكون موجبا لانقسام اليقين إلى الوجداني والتعبدي، أو يكون حديث المجعول في الأمارات كيت وكيت من الأكاذيب، وإنما المراد من " اليقين " هي الحجة.
أو لا يتصرف في دليل الاستصحاب، ولا حكومة ولا ورود لغيره عليه في المقام، لما لا أثر من الشرع، وإنما نأخذ بإطلاق دليله، وأن " اليقين " المأخوذ هو عنوانه ومفهومه، وهو تارة: يتعلق بالحكم التكليفي، أو الموضوع، أو الوضعي، وأخرى: بالحكم الظاهري، فإن نتيجة البينة القائمة على أن هذا الماء مباح أو طاهر، هي اليقين بتحقق الوضوء ظاهرا، ويستصحب ذلك عند احتمال طرو الناقض، كما ربما يمكن العلم بتحقق الوضوء واقعا، فلا تخلط.
وإليه ربما يرجع قولهم: " ظنية الطريق لا تنافي قطعية الحكم " (1).
فعلى جميع المباني تنحل المشكلة، إلا أن جمعا منها باطل، ومن هنا يظهر فساد طائفة من بحوث القوم، فليتدبر.