الوقت، كي يشتغل بأمر غير الصلاة مما يترتب عليه جواز التأخير، فإنه يجري استصحاب بقاء الوقت إلى أن يدرك الصلاة في وقتها، وليس ذلك إلا من جهة أنه على اليقين المتعلق بالمعنى التعبدي الظاهري.
وهكذا ترى صحة انتقاض اليقين المذكور بقيام البينة والحجة الأخرى، وأنها مقدمة على الاستصحاب، فاليقين السابق يقين بأمر ظاهري، والشك اللاحق شك في بقائه مثلا، واليقين الآخر معناه هو الحجة أو ما بحكم الحجة، وقلما يحصل اليقين الوجداني بروح التكليف والأحكام الإلهية.
ويشهد لما ذكرنا - مع كون اليقين الاستصحابي هو الوجداني، إلا أن متعلقه تارة: هو الحكم الواقعي، وأخرى: هو الحكم الظاهري، أو الموضوع الظاهري - ما في جملة من أخبار الاستصحاب، فإن استصحاب الوضوء لا معنى له إلا بعد العلم بالوضوء الظاهري، وهكذا استصحاب الطهارة وغير ذلك، وقوله (عليه السلام):
" ينقضه بيقين آخر " (1) ليس يثبت إلا بإحدى الأمارات، فلا يفيد إلا اليقين بالحجة الذي هو حجة أيضا.
فاليقين الثاني أيضا مثل الأول من غير الحاجة إلى بيانات أوردوها في المقام، مع إشكالات متوجهة إما إلى بيانهم، أو مبانيهم في باب الطرق والأمارات.
ومن الغريب مناقشة العلامة الأراكي (قدس سره) من جهة استصحاب مؤدى القواعد الظاهرية (2)!! مع أن وجه جريانه في المجموع واحد، فإنه إذا لم يكن للموضوع المشكوك حالة سابقة، تجري قاعدة الطهارة، فيصير هو على يقين بالطهارة الظاهرية الادعائية، وإذا شك بعد ذلك لا تجري القاعدة، لأن الاستصحاب مفاده اعتبار أنه على يقين، فلا تصل النوبة إلى القاعدة الموافقة حتى يقوم اليقين بالخلاف