الشرعية، بل الأصول الشرعية واردة عليها، كما هو الواضح. وأما البراءة الشرعية فهي في الرتبة السابقة تجري، بمعنى ملاحظة وجوب الجزء بما هو هو، وأما بعد جريان الاستصحاب فلا محل لها، ولا يعقل أن يكون مفاد البراءة الشرعية رفع الشك تعبدا، لعدم كونها أصلا ناظرا إلى الواقع.
نعم، على القول: بأن مقتضى البراءة الشرعية انتفاء التكليف واقعا، كما كان هو مختارنا في السابق، أو كان رفع الحكم ادعاء برفع جميع آثاره، كما هو مذهب السيد المحقق الوالد - مد ظله - (1) يمكن دعوى عدم جريانه، ولكنها أيضا غير مسموعة، لأن في رتبة جريان البراءة لا استصحاب، لأن ركنه بعد فرض إتيان الأقل، وفي فرض إتيان الأقل لا تقاوم الاستصحاب، لأنه ينجز مورد الشك الذي هو موضوع البراءة، وسيأتي مزيد بيان إن شاء الله تعالى (2).
هذا على تقدير جريان البراءة الشرعية، كما يأتي من ذي قبل إن شاء الله تعالى.
فبالجملة: تلك الوجوه المذكورة غير ناهضة للاشتغال إلا الوجه الأخير، من غير حاجة إلى البحث عن موازين المركبات والأجزاء، وكيفية الاختراعيات الشرعية، والغور فيها، فإنه وإن كان مفيدا أحيانا تشحيذا للأذهان، إلا أن فيما هو البحث الأصولي - وهو الفحص عن دليل الاشتغال - غير نافع، لأنه إذا لم يكن دليله تاما فالبراءة محكمة. وقد عرفت أنه لا حاجة في تضعيف أدلة الاشتغال إلى إطالة الكلام حول وضع المركبات (3).
وحيث إن كلام القوم لا يخلو من الزلات الكثيرة، وأحسن من ورد في هذا