العلم مؤثرا ومفيض الوجود، ولكنه دخيل ثبوتا حدوثا وبقاء في ذلك.
وأما التمسك بأن الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينية (1)، فهو أيضا محل منع في مثل المحرمات، فإنه ليس هناك إلا لزوم الانزجار عن الزجر بترك المبغوض المكلف به، وليس اعتبار في الذمة وإن قيل به أو قالوا في مطلق الواجبات (2).
ولكن قد عرفت: أن الواجبات خارجة عن أدلة الاضطرار لجهتين، والمحرمات مندرجة، فالقاعدة المعروفة هنا لا تنفع شيئا، فاغتنم وتدبر، فإنه حقيق به.
فتحصل: أن هناك بحثين: بحث بقاء العلم إلى ما بعد الاضطرار، وقد عرفت امتناعه. وما في كلمات بعضهم: من بقاء التكليف المتوسط الناقص (3)، لا يجدي.
وبحث بقاء أثر العلم بالنسبة إلى الطرف، وهو أيضا ممنوع صناعة بعد كون المعلوم محتمل الانتفاء، والعلم منتف طبعا. نعم، تبقى دعوى حكم العقلاء والعقل.
وأما دعوى: أن الترخيص يناقض القول بالعلية التامة دون الاقتضاء، فيلزم التفصيل (4)، فهي غير تامة، لما مر من فساد أصل هذه المسألة (5)، وأن التكليف لا يكون ذا مراتب في الفعلية، وأن العلم لا يوجب كونه ذا مراتب، فحينئذ احتمال المناقضة موجود، ويرتفع بما ارتفع به في الشبهة البدوية من كيفية الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي.