أن وجوده في ضمن المتعدد من أفراده ليس من نحو وجود واحد له، بل متعدد حسب تعددها، فلو قطع بارتفاع ما علم وجوده منها، لقطع بارتفاع وجوده، وإن شك في وجود فرد آخر مقارن لوجود ذاك الفرد، أو لارتفاعه بنفسه أو بملاكه، كما إذا شك في الاستحباب بعد القطع بارتفاع الايجاب بملاك مقارن أو حادث.
لا يقال: الامر وإن كان كما ذكر، إلا أنه حيث كان التفاوت بين الايجاب والاستحباب وهكذا بين الكراهة والحرمة، ليس إلا بشدة الطلب بينهما وضعفه، كان تبدل أحدهما بالآخر مع عدم تخلل العدم غير موجب لتعدد وجود الطبيعي بينهما، لمساوقة الاتصال مع الوحدة، فالشك في التبدل حقيقة شك في بقاء الطلب وارتفاعه، لا في حدوث وجود آخر.
فإنه يقال: الامر وإن كان كذلك، إلا أن العرف حيث يرى الايجاب والاستحباب المتبادلين فردين متباينين، لا واحد مختلف الوصف في زمانين، لم يكن مجال للاستصحاب، لما مرت (1) الإشارة إليه وتأتي (2)، من أن قضية إطلاق أخبار الباب، أن العبرة فيه بما يكون رفع اليد عنه مع الشك بنظر العرف نقضا، وإن لم يكن بنقض بحسب الدقة، ولذا لو انعكس الامر ولم يكن نقض عرفا، لم يكن الاستصحاب جاريا وإن كان هناك نقض عقلا.
ومما ذكرنا في المقام، يظهر - أيضا - حال الاستصحاب في متعلقات الاحكام في الشبهات الحكمية والموضوعية، فلا تغفل.
الرابع: إنه لا فرق في المتيقن بين أن يكون من الأمور القارة أو التدريجية الغير القارة، فإن الأمور الغير القارة وإن كان وجودها ينصرم ولا يتحقق