قلت: هل تارك الجزء متوجه إلى الجزئية، أم هو غافل؟ لا سبيل إلى الأول، فتركه لأجل نسيان جزئية السورة، ولكن فرق بين نسيان الجزء في زمان طويل، وزمان قصير، فإن الأول يعتبر نسيان الجزئية، بخلاف الثاني، وهذا الفرق لا يوجب اختلافا في الجهة المبحوث عنها.
وإجماله: أن في صورة فقد إطلاق الطبيعة مع وجود إطلاق دليل الجزء، تشكل الصحة من ناحية أخرى غير ما مر، وهو امتناع كون الناسي مورد الخطاب، وامتناع امتثاله، لأن ما هو مورد الأمر هو الفرد الكامل، والناسي لا يريد إلا امتثال الأمر المتعلق بالكامل، مع أن الأمر المتوجه إليه هو الأمر المتعلق بالناقص، بناء على أن ما هو المأمور به في حقه - بحسب حكومة دليل الرفع على الإطلاق المذكور - هو الفرد الناقص، فإذا كانت عبادية العبادة، موقوفة على انبعاثه عن الأمر المتوجه إليه، وكان هو الأمر بالناقص، ولأجل عدم التفاته إليه ينبعث عن الأمر المتوجه إلى الكامل، فلا تقع عبادته صحيحة قهرا.
فبالجملة: ما هو مورد بحث الأعلام هنا غير قابل للتصور، وما هو المبحوث عنه في باب الاشتغال، ما أشير إليه، وعرفت إمكان جريان الحديث بالنسبة إلى تقييد إطلاق دليل الجزئية، والشرطية، والمانعية، من غير فرق بينها، وإنما الإشكال من جهة أخرى، وقد تصدى القوم لحله بطرق شتى (1)، تفصيلها في محلها (2).
وقد تصدى الوالد المحقق - مد ظله - لحله: " بأن الأمر واحد بالنسبة إلى حالتي الذكر والنسيان، وبالنسبة إلى الناقص والكامل، كما هو واحد بالنسبة إلى