الشرعي بوساطة غيره من العادي أو العقلي بالاستصحاب، إنما هو بالنسبة إلى ما للمستصحب واقعا، فلا يكاد يثبت به من آثاره إلا أثره الشرعي الذي كان له بلا واسطة، أو بوساطة أثر شرعي آخر، حسبما عرفت فيما مر (1)، لا بالنسبة إلى ما كان للأثر الشرعي مطلقا، كان بخطاب الاستصحاب أو بغيره من أنحاء الخطاب، فإن آثاره الشرعية كانت أو غيرها يترتب عليه إذا ثبت ولو بأن يستصحب، أو كان من آثار المستصحب، وذلك لتحقق موضوعها حينئذ حقيقة، فما للوجوب عقلا يترتب على الوجوب الثابت شرعا باستصحابه أو استصحاب موضوعه، من وجوب الموافقة وحرمة المخالفة واستحقاق العقوبة إلى غير ذلك، كما يترتب على الثابت بغير الاستصحاب، بلا شبهة ولا ارتياب، فلا تغفل.
العاشر: إنه قد ظهر مما مر (2) لزوم أن يكون المستصحب حكما شرعيا أو ذا حكم كذلك، لكنه لا يخفى أنه لابد أن يكون كذلك بقاء ولو لم يكن كذلك ثبوتا فلو لم يكن المستصحب في زمان ثبوته حكما ولا له أثر شرعا وكان في زمان استصحابه كذلك - أي حكما أو ذا حكم - يصح استصحابه كما في استصحاب عدم التكليف، فإنه وإن لم يكن بحكم مجعول في الأزل ولا ذا حكم، إلا أنه حكم مجعول فيما لا يزال، لما عرفت من أن نفيه كثبوته في الحال مجعول شرعا، وكذا استصحاب موضوع لم يكن له حكم ثبوتا، أو كان ولم يكن حكمه فعليا وله حكم كذلك بقاء، وذلك لصدق نقض اليقين بالشك على رفع اليد عنه والعمل، كما إذا قطع بارتفاعه يقينا، ووضوح عدم دخل أثر الحالة السابقة ثبوتا فيه وفي تنزيلها بقاء، فتوهم اعتبار الأثر سابقا - كما ربما يتوهمه الغافل من اعتبار كون المستصحب حكما أو ذا حكم - فاسد قطعا، فتدبر جيدا.