حقيقة البعث والزجر جعل ما يمكن أن يكون باعثا وداعيا أو زاجرا وناهيا بحيث لو انقاد له المأمور حضر البعث والانبعاث، والزجر والانزجار الحقيقيان حتى لا ينافي دخل اختيار العبد في انبعاثه وانزجاره ببعث المولى، وزجره، و من الواضح أن البعث والزجر قبل وصولهما إلى العبد بنحو من أنحاء الوصول لا يمكن اتصافهما بحقيقة الباعثية والزاجرية وإن كان العبد في كمال الانقياد لمولاه ولا طريق بحسب هذا الملاك بين الحكم وموضوعه مفهوما ومصداقا إذ لا يعقل محركية البعث نحو ما لم يعلم بنفسه، أو لا يعلم انطباقه على ما بيده كما لا يعقل محركية البعث الغير المعلوم بنحو من أنحائه والإرادة والكراهة الواقعيتان وإن كانتا موجودتين في مرحلة النفس وإن لم يعلم بهما المراد منه إلا أنهما ما لم تبلغا إليه لا توجبان بعثا وزجرا، ولا تتصفان بالإرادة والكراهة التشريعيتين كما مر مرارا وعلى هذا المبنى يصح التمسك بالعام في المصداق المردد إذ انطباق عنوان العام معلوم فيكون العام حجة فيه، وانطباق عنوان الخاص غير معلوم فلا يكون المخصص حجة فيه، والعبرة في المعارضة و التقديم بصورة فعلية مدلولي الدليلين لا بمجرد صدور الانشائين المتناقضين فمجرد ورود المخصص لا يوجب اختصاص حجية العام بما عدا المعنون بعنوان الخاص، غاية الأمر أن حكم العام بالنسبة إلى العالم العادل الواقعي حكم واقعي وبالإضافة إلى الفاسق الواقعي المشكوك فسقه حكم ظاهري لا كالأحكام الظاهرية الاخر حيث لم يؤخذ في موضوعه الجهل بالحكم الواقعي بل بمعنى أنه رتب حكم فعلي على موضوع محكوم بحكم مخالف واقعي.
والجواب عنه بأن المخصص كاشف نوعي عن عدم وجوب إكرام العالم الفاسق، ولازمه قصر الحكم العام على بعض مدلوله فهنا كاشفان نوعيان لا يرتبط حجية أحدهما بالآخر، وقصر حكم العام لا يدور مدار انطباق عنوان المخصص على شخص في الخارج حتى يتوهم عدمه مع عدم الانطباق بل لازم وجود هذا الكاشف الأقوى اختصاص الحكم العمومي ببعض أفراده وحيث أنه أقوى