هذا تحقيق المقام، لكن هذا المجوز القائل بالجواز من طريق المقدمية بناء كلامه على توهم الفردية بالمعنى الأول لأن بنائه على أن الأمر لا يتعلق إلا بالطبيعة وأن الأمر المقدمي الساري إلى الفرد لا يتعلق إلا بأمر كلي، وليس هو إلا الطبيعة المحفوفة بلوازمها بنحو الكلية.
وأما إذا أريد من الفرد نفس الحصة المتقررة في ذات الهوية العينية فبمقتضى ما عرفت لا ينبغي سراية أمر مقدمي إليها لأن تلك الحصة شخصية لا كلية و الوجود العيني ليس من الطبايع وعنوان الوجود بالإضافة إلى حقيقته ومعنونه و إن كان كليا لكنه ليس بمقدمة لأن عنوان الوجود لا يشخص الماهية ولا يفردها، ولا ينتزع الماهية من عنوان الوجود ليكون له المقدمية.
وأما بناء على أصالة الماهية فتأصلها أو تحصلها بنفس ذاتها لا بأمر آخر فليس هناك أمر آخر يكون مناط فرديتها وتشخصها ليكون مقدمة لها فلا يعقل الفرد حينئذ إلا بالمعنى الأول الذي عرفت فساده، ولذا جعل هذا مبدء برهان على أصالة الوجود نظرا إلى أن الماهية لا يمتنع صدقها على كثيرين، ولا يكون ذلك بإضافة ماهية أخرى إليها فإنها كالأولى في عدم الاباء عن الصدق فلو لم يكن الوجود أصيلا بحيث يكون عين التشخص لما تحقق فرد من نوع أصلا.
قوله: كيف والمقدمية تقتضي الأثنينية الخ: قد عرفت أن المقدمية لا تقتضي الاثنينية بل الدخول في محصل النزاع يقتضي الاثنينية في الوجود.
قوله: انما يجدي لو لم يكن المجمع الخ: إلا أن يقال إن الأمر الانتزاعي حيث أنه موجود بوجود منشأ انتزاعه فلمنشائه السابقية والمقدمية على حد مقدمية الفرد للطبيعي.
قوله: كما يظهر من مداومة الأئمة عليهم السلام الخ: يمكن أن يقال إن اختيارهم عليهم السلام لطرف الترك لمجامعته فعل ساير المستحبات من دون رجحان لمزية الترك على مزية الفعل.
نعم ترجيح الترك على الفعل في مقام الجواب عن سؤال حال الصوم دليل على