الفناء لا يقتضي سريان ما قوم بالفاني إلى الفني فيه فإنه محال بل الفناء يصحح البعث نحو الفاني مع قيام الغرض بالمفنى فيه، وليس نسبة الوجود العنواني إلى الوجود العيني نسبة الاتحاد والعينية بأن يكون الفارق بينهما مجرد اتصاف الوجود العنواني بالجامعية بين الوجودات العينية، وعدم اتصافها بها نظير اتصاف الماهية بالكلية في مرتبة الذهن، وعدم اتصاف أشخاصها بها في موطن التفرد والتشخص، ولذا جعل الوجوب بالإضافة إلى الفعل كالكلية بالإضافة إلى الماهية من العوارض الذهنية بل نسبة الفاني إلى المفنى فيه نسبة العنوان إلى المعنون لا كنسبة الطبيعي إلى فرده فان الطبيعي له موطنان مع وحدته ذاتا فيتصف بالكلية في أحد الموطنين، وبالجزئية في موطن آخر بخلاف العنوان فان موطنه الذهن وموطن الفرض والاعتبار، ومطابقة موطنه الخارج كما هو الحال في مفهوم الوجود ومصداقه. فتوهم أن الوجود العنواني هو الوجود العيني بحقيقته وأن الجامع بذاته موجود في الخارج لا بوصف الجامعية نظير الطبيعي وفرده غفلة واضحة على أهل الفن.
وأما توهم أن نسبة الوجوب إلى الفعل كنسبة الكلية إلى الماهية وأنه من عوارضها الذهنية. ففيه أن الكلية من العوارض الذهنية لأمر ذهني فان عدم الاباء عن الصدق شأن المفهوم فان الصدق شأن المفهوم بما هو مفهوم ولا موطن له إلا الذهن بخلاف الحكم فإنه إن كان بمعنى الإرادة فهي من الصفات النفسانية لا من الأمور الذهنية، وإن كان بمعنى البعث والزجر الاعتباريين فخارجيتهما بخارجية منشأ انتزاعهما فان الانشاء بداعي جعل الداعي خارجي، وهو البعث الخارجي، ولا ثبوت لمتعلقهما إلا بثبوت النفس الإرادة والبعث فهما من العوارض التحليلية لا من العوارض الذهنية المقابلة للعوارض العينية، وقد عرفت أن منشأ عدم التضاد وعدم التعلق بالهويات الخارجية إذا فلا حاجة إلى إعادة الكلام.