نهاية الدراية في شرح الكفاية - الشيخ محمد حسين الغروي الأصفهانى - ج ١ - الصفحة ٤٣٦
نقول على التحقيق المتقدم أن مانعية الضد أما عن وجود الضد الاخر معه كما هو لازم التضاد فعدمه معه مستند إلى عدم قابلية المحل لهما ذاتا لا إلى تأثير للضد في عدم ضده، وأما عن وجود الضد بدلا عنه فمانعية الضد مستحيلة (1) للزوم الخلف أو الانقلاب لأنه مع فرض وجوده يعقل ترتب المانعية عليه ففرض وجود الاخر حينئذ بدلا عن وجود ما هو مفروض الوجود خلف أو إنقلاب فمانعية الضد على أي حال غير معقولة، وإنما المعقول مانعية سبب أحدهما عن تأثير سبب الاخر.
قوله: فإنه يتوقف على فرض ثبوت المقتضي الخ: بل لو فرض ثبوت المقتضي بتمام شرائطه مع وجود ضده فلا يستند عدم الضد إلى مانعية وجود ضده بل يستند إلى عدم قابلية المحل لوجوده مع وجود ضده وعدم القابلية من ذاتيات المحل فظهر أن العدم من جهة فقد شرط من شرائط الوجود، وهو خلو المحل عن الضد لا لوجود الضد.
قوله: ولعله كان محالا لأجل انتهاء الخ: الاكتفاء بمجرد احتمال استحالة الفرض لأن التوقف يبتني على إمكان الفرض فمجرد احتمال الاستحالة كاف في إبطال استدلاله إلا أن الاستناد في احتمال (2) الاستحالة إلى تعلق الإرادة الأزلية

1 - بيانه ان مانعية سبب الضد عن تأثير سبب الضد الاخر غير منافية لوجود السببين وحيث إن كل سبب يقتضى وجود مسببه في نفسه من دون تقيد مقتضاه بوجود مقتضى الاخر ولا بعدمه كما مر فلا محالة يمنع بالتبع عن وجود الاخر لا عن وجود مقتضاه وقائما مقامه بحيث أو فرض أقوائية أحد السببين لمكان وجود مقتضى السبب الضعيف بدلا عن وجود مقتضى السبب القوى مستلزما لانفكاك المعلول عن علته التامة وإذا نسب المانعية بهذا المعنى إلى وجود الضد فليس فيه محذور الانفكاك إذ لا علية للشيئ بالنسبة إلى نفسه إلا أن فرض وجوده ليترتب عليه المانعية يقتضى انحفاظ ذات المانع وحينئذ فوجود الضد الاخر بدلا عن هذا المفروض الوجود وقائما مقامه يستلزم الخلف بلحاظ الواقع إذ لا يمكن الحكم بالمانعية المستدعية لوجود ذات المانع عن وجود الممنوع في مرتبة يكون وجود المانع محفوظا فينا بدلا عنه المسارق لعدمه في تلك المرتبة فليس للضدين إلا التعاند في الوجود أي معيتهما واجتماعهما لا المانعية عن وجود الاخر عنه المسارق لعدمه فتدبر.
2 - بيانه ان الغرض ان كان كاشفية عدم تعلق الإرادة الأزلية عن استحالة وجود مقتضيه بشرائطه فقد عرفت ما فيه بما في المتن من أن استحالة المعلول باستحالة علته التامة لا تقتضي إلا استحالة المجموع لا استحالة جميع اجزاء العلة ويكفي في استحالة المعلول استحالة عدم مانعه لكون وجود مانعه ضروري الوقوع وإن كان علية الإرادة الأزلية وجودا أو عدما لوقوع الضد وعدمه والإرادة الأزلية هي علة العلل فعدمها من باب عدم العلة السابقة وحيث لا جهة مكانية فعدمها بنحو الوجوب ونقيضها وهي الإرادة الأزلية لوجود الضد محال فالمراد من استحالة وجود المقتضى هذا المقتضى الذي هو علة العلل بالإضافة إلى وجود الضد ففيه أولا أن الكلام في استحالة المقتضيات الطبيعية للشيئ دون الإرادة الأزلية وثانيا ليس تأثير الإرادة الأزلية في الموجودات من الافعال اختيارية والطبيعية على حد تأثير فواعلها الاختيارية والطبيعية مباشرة بل حيث إن سلسلة الأسباب لكنه منتهية إلى سبب واجب بالذات فلذا أيضا أن الإرادة الأزلية وإنما لم يوجد الضد لا لقصور في مقتضياتها الطولية ولا لعدم انتهائها إلى الإرادة الأزلية بل لوجود المانع المنتهى بأسبابه الطولية إلى الإرادة الأزلية وانتهائه إليه يؤكد مانعيته لا أنه ينافيها فاتضح انه بناء على علية الإرادة الأزلية لا يكشف عدم الضد عن عدم المقتضى الأزلي بل عند وجود أسبابه الطولية كاشف عن الإرادة الأزلية هذا واما ما دفعه ورتبه قده بقوله قده ان قلت هذا انما لوحظا الخ.
ففيه محذور فان إرادة الضدين من شخص واحده حال سواء انتهت الإرادتان إلى الإرادة الأزلية أم لا من دون حاجة إلى الكاشفية والعلية ويمكن دفعه بأن خطره الشريف قدس سره اللطيف إلى إرادة الضد بدلا عن الاخر كما في الإرادتين من شخصين وحينئذ فامكان كل اراده محفوظ وانما وجدت أحديهما دون الأخرى لانتهائهما إلى تعلق الإرادة الأزلية بوجود إحديهما وعدم تعلقها بوجود الأخرى فان عدم المعلول بعدم العلة لا باستحالتها لكن الحكم باستحالتها من حيث انتهائها إلى عدم تعلق الإرادة الأزلية بها فيلزم من فرض وقوعهما الحال وهو وجود الممكن من دون انتهائه إلى الواجب أو فرض الانقلاب أو فرض جهة امكانية في مقام إرادة الواجب وعليه فلا باس بإرادة عدم المقتضى الأخير المستحيل من هذا الوجه وإن كان ممكنا في ذاته وحينئذ يرد عليه ما أوردناه في المتن على المحكى من شيخ المحققين صاحب حاشية المعالم قده من أن الكلام في مانعية الضد عن الضد للتضاد والمانعية بهذا المعنى يقتضى المنع عن وجوده معه وأما المانعية عن وجوديه بدلا فإنما هو شأن سبب الضد فتدبر.
(٤٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 ... » »»
الفهرست