وثانيا بأن الشرط لا ينحصر في موصل الأثر بل قد عرفت أنه في الحقيقة إما متمم قابلية القابل، أو مصحح فاعلية الفاعل بمعنى أن القابل الكذائي أي المقترن بكذا قابل، والفاعل المقترن بكذا تام الفاعلية وإن كان ترشح الأثر من مقام ذاته، ولا بأس بأن يكون المقتضي المقترن بعدم كذا مؤثرا بالفعل.
وأما دعوى: أن وجود الضد معلول لوجود سببه، وعدم الاخر معلول لعدم سببه، وأن عدم الضد لا يعقل أن يستند إلى علة الضد، وكذا عدم سببه لا يعقل أن يستند إلى وجود سبب ضده لأن العدم لا يترشح من الوجود كما لا يحتاج إلى فاعل، وقابل حتى يحتاج إلى شرط، ليقال أن عدم الضد مشروط بوجود سبب ضده بل الوجود مستندا إلى الوجود، والعدم إلى العدم، وتعين أحد السببين للتأثير دون السبب الاخر لقوة مقتضي الأول، وضعف مقتضي الاخر، وهما ذاتيان للقوي والضعيف، لا أن ضعف الضعيف مستند إلى القوي، ومزاحمته حتى ينتهي أمر العدم إلى وجود سبب الضد، فهي أقوى ما يمكن أن يقال في تقريب عدم المقدمية لعدم الضد لوجود ضده، ولعدم سببه لوجود السبب الضد الاخر، لكنها مندفعة بأن عدم الضد عند مزاحمة السببين لعدم علته التامة وعدم تمامية العلة لعدم الشرط وهو عدم المانع المزاحم فاستند العدم إلى العدم إلى التالي.
وأما استناد وجود أحد الضدين دون الاخر إلى قوة سببه دون سبب الاخر فهو صحيح على وجه دون آخر فإنه إن أريد أن تعين أحد السببين لمزاحمة الاخر دون الاخر فإنه لا يقبل المزاحمة لقوة الأول، وضعف الثاني فإنه صحيح لكنه لا يستلزم نفي المقدمية، وإن أريد أن عدم الضد لمجرد ضعف سببه ففيه أن السبب على الفرض تام الاقتضاء والفاعلية في نفسه، وضعفه إضافي فهذا الضعف الإضافي لو لم يوجب نقصا في فاعليته لزم انفكاك المعلول عن علته التامة ولا نقص على الفرض إلا من حيث أن تمامية كل سبب مشروطة بعدم المانع المزاحم، وحيث لم يحصل الشرط لوجود المزاحم فلم يقترن السبب بعدم المانع فلذا لم يتم العلة فلم يحصل المعلول.
ومما ذكرنا تبين وجه التلازم بين وجود الضد وعدم ضده فإنه ليس لعلية