ارتفاع النقيضين، وإن كان العدم ثابتا مع فرض عدم علته وهو الفعل لزم المعلول بلا علة.
فمندفع: بأن من يقول بتوقف الترك على الفعل يقول بتوقف العدم الطارئ لا العدم الأزلي لأن الفعل ليس بأزلي (1) حتى يتصور عليته له، وفرض العدم الطارئ لا يكون إلا مع فرض الفعل الذي هو علة له، وإلا فنقيض العدم الطارئ بقاء ببقاء علته فالمحاذير الثلاثة نشأت من الخلط بين العدم الأزلي والعدم الطارئ فان العدم الأزلي هو الذي يمكن فرضه مع فرض عدم كل موجود، هذا إذا كان الفعل علة تامة بسيطة للعدم. و أما إن كان مانعا من تأثير مقتضى الوجود فلا بأس باستناده إلى عدم المقتضي مع فرض عدم كل شئ في العالم فان بقاء العدم الأزلي بعدم المقتضي أزلا بوجود المانع لينافي فرض العدم العدم المطلق ولا يلزم حينئذ أحد المحاذير الثلاثة فتدبر جيدا.
ومما ذكرنا ظهر صحة ما اشتهر أن عدم المانع من المقدمات، ولاوجه لتخصيصه بما إذا كان التمانع من غير جهة التضاد كما لاوجه لتوجيه بأن المانع ما كان مفنيا للممنوع كالماء بالإضافة إلى النار دون الضد فإنه لا يفني ضده بل المحل غير قابل لاشتغاله بضدين فليس وجود الضد مانعا حتى يكون عدمه من المقدمات، والوجه في عدم وجاهته الوجود لا يؤثر في العدم فلا معنى لاستناد العدم إلى الوجود بل الأمر يرجع إلى المضادة حقيقة.
فالتحقيق الذي ينبغي ويليق هو تسليم مقدمية عدم الضد لوجود الضد الاخر بنحو التقدم بالطبع كما عرفت إلا أنه مع ذلك لا يجدي الخصم شيئا إذ ليس كل متقدم بالطبع يجب بالوجوب المقدمي كما عرفت في أجزاء الواجب فان الجزء كما عرفت في المبحث السابق له التقدم الطبعي لكنه حيث لا وجود للأجزاء بالأسر وراء وجود الواجب النفسي فلا معنى لايجابها بوجوب غيري