البياض فهذا الملحوظ بما هو بياض وبما هو قائم بذاته أبيض.
ولذا قال بهمنيار (1) تلميذ الشيخ الرئيس " إن الحرارة لو كانت قائمة بذاتها لكانت حرارة وحارة " وبهذا الاعتبار تكون حقيقة العينية التي حيثية ذاتها حيثية طرد العدم وجودا وموجودا فإذا كانت حقيقة البياض الملحوظة بما هي قائمة بذاتها أبيض مع قطع النظر عن موضوعها فلا محالة لا دخل للنسبة في مفهوم الأبيض، وإذا كان موقوفا على ملاحظة موضوعها وقيامها به، وهذا معنى بساطة المشتق بساطة حقيقية وكون الفرق بينه وبين مبدئه الحقيقي باعتباري بشرط لا ولا بشرط، فان المراد من ملاحظته بشرط لا ملاحظته باستقلاله، وبما هو شئ على حياله، ومن ملاحظة لا بشرط إلغاء كونه كذلك، وهو عين ملاحظته بما هو قائم بذاته، ولكن لا يخفى عليك أن غاية ما أفاده المحقق المزبور اتحاد الأبيض الحقيقي والبياض دون الأبيض المشهوري إذ من الواضح أن الأبيض بالمعنى الذي تصوره المحقق لا يصدق على العاج فإنهما موجودان متبائنان فلم يثبت اتحاد المشتق ومبدئه مطلقا ولا العرض والعرضي مطلقا.
نعم هنا وجه آخر لتميم الامر وتسريته إلى الأبيض المشهوري أيضا، وهو ما أفاده بعض المحققين (2) وملخصه: أن نفس حقيقة البياض وغيرها من الأعراض تارة تلاحظ بما هي، وأنها موجودة في قبال موضوعها فهي بهذا اللحاظ بياض، ولا يحمل على موضوعه كيف، وقد لوحظ فيه المبائنة مع موضوعه، والحمل هو الاتحاد في الوجود، وأخرى تلاحظ بما هي ظهور موضوعها، وكونها مرتبة من وجود موضوعها، وطورا لوجوده، وشأنا من شؤونه ظهور الشئ، وطوره وشأنه لا يبائنه، فيصح حملها عليه إذ المفروض أن هذه المرتبة مرتبة من وجود الموضوع والحمل هو الاتحاد في الوجود (3).