يضل سالكه، وبه عليه السلام يعرف صحة الأعمال وسقمها وخفتها وثقلها إلى غير ذلك من المصاديق المناسبة، وإرادة المصاديق المتعددة في كل مورد بحسبه لا تنافي الاستعمال في معنى واحد يجمع شتاتها، ويجرى متفرقاتها، ونظير إشكال تعدد البطون ما ورد من طلب الهداية عند قرائة قوله عز من قائل * (إهدنا الصراط المستقيم) * ونحوه في غيره، فان محذور الاستحالة تعدد المحكى عنه مع وحدة الحاكي، وهو جار هنا لان القراءة هي الحكاية عن اللفظ باللفظ المماثل، والانشاء قصد ثبوت المعنى باللفظ، ولا يمكن استعمال اللفظ في اللفظ وفى المعنى. وربما يجاب عنه: بأن المعنى يقصد من اللفظ الذي هو المعنى، كما في أسماء الافعال عند من يجعلها موضوعة لألفاظ الأفعال، فلم يلزم استعمال اللفظ في أكثر من معنى، بل استعمل كل لفظ في معنى.
وربما يجاب عنه: بأن المعنى يقصد من اللفظ الذي هو المعنى، كما في أسماء الافعال عند من يجعلها موضوعة لألفاظ الأفعال، فلم يلزم استعمال اللفظ في أكثر من معنى، بل استعمل كل لفظ في معنى.
وفيه أن قصد المعنى من اللفظ المحكى عنه باللفظ أوضح استحالة من قصده من اللفظ الحاكي، ضرورة أن الاستعمال كذلك غير معقول، سواء كان الاستعمال بمعنى الاعلام والتفهيم، أو بمعنى إيجاد المعنى باللفظ، أو بمعنى إفناء اللفظ في المعنى وجعله وجها وعنوانا له، فان هذه الأوصاف لا يوصف بها مالا وجود لها خارجا، بل جعلا وتنزيلا، مع أن الفرض إنشاء المعنى باللفظ، فاللفظ مما ينشأ به ويتوسل به إلى ثبوت المعنى، وهذا مع عدم تحقق ما ينشأ به ويتوسل به غير معقول، إذ ليس الإنشاء مجرد قصد المعنى كما لا يخفى.
فالأولى أن يجاب عن الاشكال بحمل ما ورد من الاخبار في هذا المضمار على طلب الهداية مقارنا لقرائة * (اهدنا الصراط المستقيم) * لا طلب الهداية بها.
ويمكن أن يجاب أيضا بأن القراءة ليست الحكاية عن الألفاظ بالألفاظ واستعمالها فيها، بل ذكر ما يماثل كلام الغير من حيث أنه يماثله في قبال ذكره من تلقاء نفسه، وهذا المعنى غير مشروط بعدم إنشاء المعنى به حتى يلزم الجمع