التقابل تقابل الايجاب والسلب، وعدم الجامع بينهما بديهي، وإن أراد المتقابلين بتقابل التضاد فلزوم اندراجهما تحت الجامع قول به في فن الحكمة، ولذا اعتبر امتناع اجتماعهما في المتعاقبين على موضوع واحد، لا محل واحد إلا أن المتقابلين غير منحصرين في المتضادين، فان العلم والجهل عند هذا القائل من المتقابلين، مع أنهما غير متقابلين بتقابل التضاد بل بتقابل العدم الملكة، ولا جامع بينهما، ولم يذكر أحد من أرباب الفن لزومه في تقابلهما، وحيث أن اللازم في تقابل العدم والملكة إضافة العدم إلى ما يقبل الوجود كالعمى، فإنه يوصف به من يقبل " البصر " فلذا لا يطلق على الحجر أنه جاهل أو أعمى، وأما عدم التقابل بين الظلمة والحمار والعلم والحجر، فان أراد عدم التقابل اصطلاحا وإن كان بينهما التعاند والغيرية، فلو سلم لا يدل على لزوم الجامع بين المتقابلين بقول مطلقا مع أنه لو كان المتضاد أن اصطلاحا الوجود بين اللذين يمتنع اجتماعهما في محل واحد يكون المثالان من المتقابلين بتقابل التضاد.
نعم بناء على عدم تضاد الجواهر بعضها مع بعض، ومع العرض لا تضاد بينهما وإن كان متعاندين، ثم لو أغمضنا النظر عن كل ذلك فأي دليل دل على أن الأمرين المندرجين تحت الجامع، كالسواد والبياض، يجب الوضع للجامع بينهما دونهما، وهل هو إلا بحكم بلا وجه، هذا مع أن الجامع بين السواد والبياض ليس إلا اللون، ولازمه صحة إطلاق الجون على كل لون، وإلا فخصوصية السواد والبياض المعرفة بينهما لا يعقل (1) أن يكون لها جامع فتدبر جيدا.
قوله: وان أحاله بعض لا خلاله الخ: ذكر بعض أجلة العصر (2) برهانا على الاستحالة، إذا كان الوضع عبارة عن جعل الملازمة الذهنية بين اللفظ والمعنى، أو عما يستلزمها، ملخصه بتوضيح منى، أن الوضع لكل من المعنيين بحيث لو لم