لأن مجرد العقد على الأم لا يحرمها، وإنما يحرمها الدخول مع ذلك.
الرابعة: أن لا يدخل بواحدة منهما، وفيها قولان:
(أحدهما) وهو المشهور بين المتأخرين أن هذه الصورة كسابقتها في أنها تحرم عليه الأم خاصة، ويبطل عقدها للعقد على البنت، فإنه موجب لتحريم الأم وإن لم يقترن به دخول، وأما البنت فيلزم نكاحها لعدم الموجب لبطلانه، لأن نكاح الكفر صحيح، ومن ثم يتخير أربعا لو أسلم على أزيد منهن، ويصح نكاحهن بغير تجديد عقد آخر.
و (ثانيهما) وهو المنقول عن الشيخ رحمه الله القول بأن له اختيار أيتهما شاء بناء على أن عقد المشرك لا يحكم بحصته إلا بانضمام الاختيار في حال الاسلام، وإلا فهو في حد ذاته باطل بدون ذلك، فإنه لو تزوج بعشر واختار منهن أربعا لم يكن للبواقي مهر ولا نفقة ولا متعة، بل هن بمنزلة من لم يقع عليهن عقد، ولأنه لو أسلم على أختين قد تزوجهما دفعة تخير أيتهما شاء، ولو كان العقد الذي صدر حال الكفر صحيحا لزم بطلانه كالمسلم، وليس له الاختيار، وعلى هذا فإن اختار نكاح البنت استقر نكاحها وحرمت الأم مؤبدا، وإن اختار نكاح الأم لم تحرم البنت بدون الدخول.
وأجيب بأن ما ذكر من سقوط المهر والنفقة لا يدل على بطلان العقد، بل الوجه فيه أنه فسخ جاء لا من قبل الزوج، ولأن العقد لو لم يكن صحيحا لم يكن، لانضمام الاختيار أثر في صحته، كما في كل عقد باطل.
هذا ما ذكروه نور الله تعالى مرقدهم في هذا المقام، ولم أقف على نص في ذلك عنهم عليهم السلام وأنت خبير بأن الظاهر أن الكلام في هذه المسألة مبني على ما هو المشهور بينهم، وكذا بين العامة، بل الظاهر اتفاق الجميع عليه حيث لم ينقلوا الخلاف فيه إلا عن أبي حنيفة من أن الكافر مكلف بالفروع، والخطابات الشرعية متوجهة إليه كما تتوجه إلى المسلم، وإن كان قبول ذلك وصحته منه