ومع فرض جواز ذلك للأب فإنه كيف له بالعلم بالبقاء هذه المدة، وفعل موسى عليه السلام بناء على جواز في تلك الشريعة إنما كان لعلمه بالبقاء إلى أن يفي بالمدة وأما غيره ممن لا يعلم فلا ينبي له ذلك، والنهي أيضا على هذا التقدير لا يخرج عن الكراهة على تقدير جواز التزويج، وإلا فهو غير جائز.
ويدل على عدم جواز التزويج بهذه الكيفية وما رواه في الكافي والتهذيب (1) عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: لا يحل النكاح كذا في الكافي، وفي الكتابين الأخير ين عن أبي عبد الله عليه السلام أن عليا عليه السلام قال: لا يحل النكاح اليوم في الاسلام بإجارة، بأن يقول: أعمل عندك كذا وكذا سنة على أن تزوجني ابنتك أو أختك، قال: هو حرام، لأنه ثمن رقبتها وهي أحق بمهرها) قال في الفقيه ذيل هذا الخبر: وفي حديث آخر (إنما كان ذلك لموسى بن عمران لأنه علم من طريق الوحي هل يموت قبل الوفاء أم لا، فوفى بأتم الأجلين) والتقريب في الخبر المذكور دلالته على أن المنع من هذه الصورة إنما هو من حيث جعل المهر للأب، وهو حق للمرأة، وثمن رقبتها لا من جهة الإجارة، فيه إشعار بأنه لو كانت الإجارة لها لأن يكون العمل لها فإنه صحيح لا مانع منه، وهو صريح في بطلان هذا العقد لو كان العمل لها فإنه صحيح لا مانع منه، وهو لا يظهر له وجه ارتباط بالخبر، بنا؟ على ما قلناه، لأن الخبر لم يتضمن المنع من حيث الإجارة، والتذييل المذكور إنما ينصب على ذلك، ليصير بمعنى التخصيص له، بل إنما تضمن بالمنع والبطلان من حيث إن هذا العمل الذي جعله مهرا لا يجوز جعله للأب لأنه مهر، والمهر حق الزوجة لا الأب.
وبالجملة فالظاهر هو القول المشهور كما عرفت من ظهر الأخبار المتقدمة