وهذه الأخبار كلها دالة على إمكان المجامعة مع عده عيبا يفسخ به، والأصحاب قد اختلفوا في ذلك بعد اتفاقهم على أن المانع عيب يتخير في الفسخ به.
فالمشهور وهو الذي قطع به الشيخ عدم الخيار به لعدم المقتضي له، فإن الخيار إنما نشأ من حيث امنع من الوطئ الذي هو أهم المطالب من التزويج، وظاهر المحقق في الشرايع الميل إلى ثبوت الخيار به، وقوفا على ظاهر النصوص الدالة على عده عيب أعم من أن يمكن معه الوطئ أم لا، ولم أقف على قائل صريح بذلك، وعبارة المحقق بقوله (ولو قيل بالفسخ) تشعر بأنه لا قائل بذلك، قال في المسالك: وهذا القول قوي إن لم يكن الاجماع على خلافه إذ لا يظهر به قائل صريحا كما يظهر من عبارة المنصف، إنتهى.
أقول: العجب منهم رحمة الله عليهم في استنادهم في الخيار إلى إطلاق الأخبار مع أن ما ذكرنا من الأخبار مع كثرتها مطابقة الدلالة على إمكان النكاح معه مع عده عيبا يوجب الخيار.
وبالجملة فالظاهر من الأخبار هو ثبوت الخيار به، وإن أمكن الوطئ، وما ذكروه من الدليل العقلي بأن الخيار إنما نشأ من حيث المنع من الوطئ ممنوع، فإنها علة مستنبطة لا دلالة في شئ من الأخبار عليها، ولعل العلة إنما هو نفرة الزوج من ذلك أو عدم الحبل أو عسر مجامعتها كما يشير إليه الخبر التاسع والعاشر وكيف كان فإن هذا التعليل في مقابلة ما ذكرناه من الأخبار عليل لا يلتفت إليه.
الثالث أكثر الأخبار المتقدمة خالية من عد العرج في جملة عيوب المرأة، وإنما تضمنه الخبر الحادي عشر والثاني عشر مع تضمن جملة منها الحصر في الأربعة المشهور وهي: الجذام، والبرص والجنون والعفل، ويؤكده قوله في الخبر الرابع عشر بعد عد الأربعة المذكورة (فأما ما سوى ذلك فلا) ومن هنا اختلف كلمة الأصحاب في ذلك على أقوال عديدة: