الثلاثة الأول، ثم أردفها بالدليل العقلي الذي قدمنا ذكره عنهم، وقد عرفت ما فيه، وأنه لا يصلح لتأسيس حكم شرعي، وإن صلح لأن يكون وجها للنص، فلم يبق إلا الأخبار وموردها إنما هو المولى، وحينئذ يبقى غير المولى لا دليل عليه فيجب العدة بالنسبة إليه وبه نزول الاشكال الذي أشرنا إليه آنفا ويقوى الفرق بين المولى وغيره كما دل عليه إطلاق العبارات المشار إليها آنفا.
قال في المسالك: وأحلق بعضهم بالعتق تزويج المولى للأمة المبتاعة فإنه لا يجب على الزوج استبراؤها ما لم يعلم سبق وطئ محرم في ذلك الطهر، وذلك لأن الاستبراء تابع لانتقال الملك، وهو منتف هنا، وعلى هذا فيمكن أن يجعل ذلك وسيلة إلى سقوط الاستبراء عن المولى أيضا بأن يزوجها من غيره، ثم يطلقها الزوج قبل الدخول، فيسقط الاستبراء بالتزويج، والعدة بالطلاق قبل المسيس، وإن وجد ما يظن كونه علة للاستبراء، وهو اعتبار براءة الرحم من ماء السابق، فإن العلة مستنبطة لا منصوصة، ومثله الحيلة على إسقاطه ببيعها مت امرأة ونحو ذلك، إنتهى.
أقول: مدار صحة هذا الكلام من أوله إلى آخره على ما ادعاه من أن العلة في الاستبراء هو طلب براءة الرحم إنما هي علة مستنبطة وإلا فإن ظاهر النصوص أن الأمر بالاستبراء إنما هو على جهة العبد شرعا بذلك.
وفيه أنه قد روى الكليني (1) في الصحيح أو الحسن أبي عبد الله عليه السلام (في رجل اشترى جارية إلى أن قال: قلت: جارية لم تحض، كيف يصنع بها؟
فقال: أمرها شديد، غير أنه إن أتاها فلا ينزل عليها حتى يستبين له إن كان بها حبل، قلت: وفي كم يستبين له؟ قال: في خمسة وأربعين ليلة) وهي ظاهرة كما ترى في أن العلة في الاستبراء هو اعتبار براءة الرحم من ماء لسابق، وحينئذ فإذا كانت العلة ذلك كما دل عليه النص فإنه لا يتم ما ادعاه