قال في المختلف: ألفاظ علمائنا وما ورد في الأخبار يدل على الاكتفاء بقوله تزوجتك وجعلت مهرك عتقك، وإن لم يقل أعتقتك أو أنت حرة، بل يقع العتق بقوله وجعلت عتقك مهرك، كما لو أمهر امرأة ثوبا وقال لها: قد تزوجتك وجعلت مهرك هذا الثوب، فإذا قبلت ملكته بالقبول، فكذا لو جعل العتق مهرا فإنها تملك نفسها بالقبول، ولا حاجة إلى النطق بالعتق وغير ذلك، إنتهى وهو جيد.
ونقل عن ظاهر المفيد وأبي الصلاح أنهما اعتبرا لفظ أعتقتك، لأن العتق لا يقع إلا بالصيغة الصريحة، وهو التحرير أو الاعتاق، فلا بد من التلفظ بأحدهما.
ورد بعد تسليم انحصار العتق في هاتين الصيغتين بأن هذا العقد قد ثبت النصوص الصحيحة الصريحة التي لا سبيل إلى ردها، فلا يقدح فيه مخالفته للأصول المقررة سيما مع ما عرفت آنفا من أن أصل هذه المسألة إنما بني على خلاف الأصول المقررة القواعد المعتبرة، وظاهره في المختلف اختيار ما ذهب إليه الشيخ المفيد وأبو الصلاح (1) بعد اعترافه بأن الأول هو الوارد في الأخبار، وتعليله ذلك زيادة على دلالة الأخبار بما قدمنا نقله عنه، وهو لا يخلو من تعجب.
الثالث: الظاهر كما استظهره العلامة في المختلف وجمع من المتأخرين أنه لا حاجة إلى القبول هنا من المرأة، وذلك لأن مستند شرعية هذا العقد هو النصوص المستفيضة، وهي خالية من اعتبار ذلك إذ ليس في شئ منها ما يدل على ذلك، ولأنها حال الصيغة مملوكة، فلا اعتبار برضاها، لأن رضاها لو كان معتبرا لبطل ما وقع من المولى، لأنه قائم مقام القبول، حيث إنه وظيفته، ووظيفة الإيجاب من جهتها، ولأنه لا بد من كمال المتعاقدين حال الإيجاب والقبول، وهو منتف هنا، واحتمل جملة من الأصحاب اشتراط القبول كغيره من العقود