أقول: ونحو هذه الرواية ما رواه في الكافي (1) عن علي بن أحمد بن أشيم (قال:
كتب إليه الريان بن شبيب يعني أبا الحسن عليه السلام: الرجل يتزوج المرأة متعه بمهر إلى أجل معلوم وأعطاها بعض مهرها وأخرته بالباقي ثم دخل بها وعلم بعد دخوله بها قبل أن يوفيها باقي مهرها إنما زوجته نفسها ولها زوج مقيم معها، أيجوز له حبس باقي مهرها أم لا يجوز؟ فكتب عليه السلام: لا يعطيها شيئا لأنها عصت الله عز وجل) والرواية الأولى وإن دلت بإطلاقها على عدم الفرق بين العالمة بالزوج والجاهلة بأن تعتقد خلوها من الزوج بطلاق أو موت ثم يظهر خلافه، إلا أنه يجب حملها على الجاهلة بقرينة قوله عليه السلام في الخبر (فما أخذته فلها بما استحل من فرجها) حيث إنه مع فرض كونها عالمة تكون بغيا ولا مهر لبغي، فكيف يكون ما أخذت ملكا لها بما استحل من فرجها!
ويؤيده قوله عليه السلام في الرواية الثانية المشتملة على العالمة (لا تعطها شيئا فإنها عصت الله تعالى)، وظاهره جواز استرجاع ما أخذته، ولكن لما كان سؤال السائل إنما هو عن جواز حبس الباقي وعدمه أجابه بما ذكر في الخبر، فكأنه عليه السلام فهم منه الاعراض عما دفعه لها وعدم إرادته وإلا فإنه يستحق المطالبة به، لما عرفت من أنها بغي، فلا يستحق شيئا. والظاهر أيضا حمل كلام الشيخين على ذلك، ولا يحضرني الآن صورة كلاميهما فإن كان وفق عبارة الخبر فالقريبة فيه ظاهرة أيضا.
وبالجملة فما ذكرنا هو الأوفق بالأصول القواعد، وقد عرفت أن الرواية لا تأباه إلا أن في ذلك إشكالا سيأتي التنبيه عليه.
بقي الكلام فيما لو لم يدفع إليها شيئا بالكلية، أو دفع الجميع، فإن الرواية لا دلالة فيها على حكم شئ من هذين الفردين، ومقتضى القواعد في هذا الباب أنها إن كانت عاملة فإنه يسترجع ما دفع ويمنعها من الجميع إن لم يدفع،