بوجوبه فلا اشكال في وجوب النية للكون عند الفجر. وإن أوجبنا المبيت فقدم النية عنده، ففي وجوب تجديدها عند الفجر نظر، ويظهر من الدروس عدم الوجوب. وينبغي أن يكون موضع النزاع ما لو كانت النية للكون به مطلقا، أما لو نواه ليلا أو نوى المبيت كما هو الشائع في كتب النيات المعدة لذلك بعد الاجتزاء بها عن نية الوقوف نهارا، لأن الكون ليلا والمبيت مطلقا لا يتضمنان النهار، فلا بد له من نية أخرى. والظاهر أن نية الكون به عند الوصول كافية عن النية نهارا، لأنه فعل واحد إلى طلوع الشمس كالوقوف بعرفة، وليس في النصوص ما يدل على خلاف ذلك. انتهى.
أقول: إن كلامه (قدس سره) هنا كله يدور على النية المصطلحة التي هي عبارة عن الحديث النفسي والتصوير الفكري، وقد عرفت ما فيه في غير موضع، وإلا فمن المعلوم أنه إذا كان الوقوف الواجب الذي عليه مدار الحج صحة وبطلانا في حال التعمد والاختيار إنما هو الوقوف بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وإن غير هذا الوقت من المتأخر عنه والمتقدم عليه إنما هو وقت لذوي الأعذار، فنية الوقوف إنما هي في هذا الوقت خاصة، ولا معنى لنية الوقوف ليلا، إلا أن يكون من قبيل العزم عليه وهو غير النية الشرعية عندهم. والمستفاد من الخبرين المتقدمين أن الوقوف الشرعي الذي يجب على المكلف الاتيان به - وعليه مدار صحة حجه وبطلانه - إنما هو الذي بعد الفجر. والاكتفاء بغيره يحتاج إلى دليل، فقوله - بعد اختياره أن نية الكون عند الوصول كافية عن النية نهارا: وليس في النصوص ما يدل على خلافه - ليس في محله، بل هذه