" أن النبي صلى الله عليه وآله كان يأمرنا أن نخرج الفطرة قبل الخروج إلى المصلى " وهو لا يأمر بتأخير الواجب عن وقته. ثم إن المحقق استدل على ما قدمه بما ذكره الشارح هنا من الدليل العقلي ثم صحيحة معاوية بن عمار، ثم قال: وحجة أبي حنيفة ضعيفة لاحتمال أن يكون الأفضل اخراجها قبل الصلاة. وقوله: " لا يأمر بالتأخير عن وقت الوجوب " قلنا: متى إذا لم يشتمل التأخير على مصلحة أم إذا اشتمل؟ وهنا التأخير مشتمل على مصلحة لأنه يجمع فيه بين إيتاء الزكاة والصلاة كما تؤخر المغرب لمن أفاض من عرفة إلى المشعر ليجمع بينها وبين العشاء وإن كان التقديم جائزا، ولأن حاجة الفقير إليها نهارا فكان دفعها في وقت الحاجة أفضل من دفعها ليلا. وقوله:
" كان يأمر باخراج الزكاة قبل الخروج " لا يدل على أن ذلك الوقت وقت الوجوب باجماع الناس لأن الصلاة لا تكون إلا بعد طلوع الشمس وانبساطها والوجوب عنده يتحقق مع طلوع الفجر فقد صارت حجته غير دالة على موضع النزاع. انتهى.
ولم ينقل في المقام دليل لمذهب ابن الجنيد من طرق الأصحاب، وفي المختلف استدل لهم بصحيحة العيص بهذا التقريب ورده بما ذكره في المعتبر وإن كان بطريق أخصر.
وحينئذ فقد علم من ذلك أن مدلول الرواية وموردها إنما هو بيان وقت الاخراج، ولكنهم إنما استدلوا بها على تعلق أصل الوجوب من حيث قبح التأخير عن وقت الوجوب، فهو إنما أمر بالاخراج في هذا الوقت لأنه هو الوقت الذي تعلق فيه الوجوب بالمكلف.
وبذلك يظهر لك صحة ما قلناه وهو أن أصل المسألة ومحل البحث والخلاف إنما هو في وقت تعلق الوجوب لا وقت الاخراج كما يعطيه كلامه.
ولهذا أن الشيخ وكذلك المحقق في المعتبر والشرائع والعلامة في كتبه فرعوا على ما اختاروه من تعلق الوجوب بغروب شمس آخر نهار يوم من شهر رمضان فروعا: منها - لو وهبه عبدا قبل الهلال ولم يقبض، ومنها لو أوصى له بعبد