" إن رأيت صاحب هذا الأمر يعطي كل ما في بيت المال رجلا واحدا فلا يدخلن في قلبك شئ فإنه إنما يعمل بأمر الله ".
وحينئذ يكون ما ذكره عليه السلام راجعا إلى الخمس بجميع موارده لا إلى صنف منه مختص به كما يدعيه، وسيأتي إن شاء الله تعالى ما فيه مزيد تحقيق المقام والكلام على ما ذهب إليه بما يكشف عن المسألة غياهب الابهام.
ثم قال (قدس سره): وأما الاشكال الثاني فمنشأه نوع اجمال في الكلام اقتضاه تعلقه بأمر معهود بين المخاطب وبينه عليه السلام كما يدل عليه قوله " بما فعلت في عامي هذا " وسوق الكلام يشير إلى البيان وينبه على أن الحصر في الزكاة إضافي مختص بنحو الغلات، ومنه يعلم أن قوله عليه السلام: " والفوائد " ليس على عمومه بحيث يتناول الغلات ونحوها بل هو مقصور على ما سواها، ويقرب أن يكون قوله " والجائزة " وما عطف عليه إلى آخر الكلام تفسيرا للفائدة أو تنبيها على نوعها، ولا ريب في مغايرته لنحو الغلات التي هي متعلق الحصر هناك. ثم إن في هذه التفرقة بمعونة ملاحظة الاستشهاد بالآية وقوله بعد ذلك " فليعمد لايصاله ولو بعد حين " دلالة واضحة على ما قلناه من اختلاف حال أنواع الخمس، فإن خمس الغنائم ونحوها من ما يستحقه أهل الآية ليس للإمام عليه السلام أن يرفع فيه ويضع على حد ماله في خمس نحو الغلات وما ذاك إلا للاختصاص هناك والاشتراك هنا.
أقول: ما ذكره (قدس سره) هنا بناء على ما اختاره من ما أشرنا إليه آنفا من أنه ليس للإمام عليه السلام أن يرفع ويضع في ما يستحقه أهل الآية على حد ماله منظور فيه، فإن المفهوم من الأخبار خلافه ومنها رواية أبي خالد الكابلي وما سيأتي إن شاء الله تعالى في أخبار التحليل (1) من دلالة جمله من الأخبار بعمومها على تحليل الخمس مطلقا، وصحيحة عمر بن أذينة (2) الواردة في حمل أبي سيار مسمع بن عبد الملك