من يخرص عليهم نخيلهم وكرومهم. ولأن أرباب الثمار يحتاجون إلى الأكل والتصرف في ثمارهم فلو لم يشرع الخرص لزم الضرر.
وإنما اختلفوا في جواز الخرص في الزرع فأثبته الشيخ وجماعة لوجود المقتضي وهو الاحتياج إلى الأكل منه قبل يبسه وتصفيته، ونفاه ابن الجنيد والمحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى والتحرير، لأنه نوع تخمين ولا يثبت إلا في موضع الدلالة، ولأن الزرع قد يخفى خرصه لاستتار بعضه وتبدده بخلاف النخل والكرم فإن ثمرتهما ظاهرة فيتمكن الخارص من ادراكها والإحاطة بها، ولأن الحاجة في النخل والكرم ماسة إلى الخرص لاحتياج أربابها إلى تناولها غالبا رطبة قبل الجذاذ والاقتطاف بخلاف الزرع فإن الحاجة إلى تناول الفريك قليلة جدا.
أقول: من ما يدل على جواز الخرص في الزرع ما تقدم في المقام الثالث من صحيحة سعد بن سعد الأشعري عن الرضا عليه السلام قال: " سألته عن الزكاة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب متى تجب على صاحبها؟ قال إذا صرم وإذا خرص ثم إن المحقق في المعتبر ذكر في هذا المسألة فروعا: منها - أن وقت الخرص حين بدو صلاح الثمرة، قال لأنه وقت الأمن على الثمرة من الجائحة غالبا لما روي (1) " أن النبي صلى الله عليه وآله كان يبعث عبد الله بن رواحة يخرص على يهود خيبر نخلهم حين يطيب ".
ومنها - صفة الخرص أن تقدر الثمرة لو صارت تمرا والعنب لو صار زبيبا فإن بلغ الأوساق وجبت الزكاة ثم يخيرهم بين تركه أمانة في أيديهم وبين تضمينهم حصة الفقراء أو يضمن لهم حقهم فإن اختاروا الضمان كان لهم التصرف كيف شاءوا وإن أبوا جعله أمانة ولم يجز لهم التصرف فيه بالأكل والبيع والهبة لأن فيه حق المساكين.. إلى غير ذلك من الفروع المذكورة.
ثم قال في المدارك بعد نقل جملة تلك الفروع: أقول إن في كثير من هذه