لاشتهر لعموم البلوى بها ولم يظفر بذلك في الأخبار يحصل له العلم أو الظن المتاخم له بعدم ذلك الحكم، والأمر هنا كذلك.
(السادس) وهو أمتنها وأظهرها وأوجهها وأنضرها أنه لا يخفى على من تأمل الأخبار الواردة بالبينة واليمين في أبواب الدعاوى أنه لا عموم فيها فضلا عن الخصوص على وجه يشمل مثل ما نحن فيه، فإن موردها إنما هو ما إذا كانت الدعوى بين اثنين مدع ومنكر ولا دلالة فيها على من ادعى شيئا وليس له من يقابله وينكر دعواه بأنه يكلف البينة أو اليمين، وفي الأخبار الكثيرة (1) " البينة على المدعي واليمين على من أنكر " بل ورد في جملة من الأخبار وبه قال علماؤنا الأبرار إن من ادعى شيئا ولا مناقض له في دعواه يقبل قوله من غير بينة ولا يمين بمجرد احتمال صدقه.
ومن ذلك ما رواه في الكافي والتهذيب عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام (2) قال: " قلت عشرة كانوا جلوسا وفي وسطهم كيس فيه ألف درهم فسأل بعضهم بعضا ألكم هذا الكيس؟ فقالوا كلهم لا وقال واحد هو لي فلمن هو؟
قال للذي ادعاه ".
ويستفاد من هذا الخبر أن كل من ادعى ما لا يد عليه قضى له به، وبذلك صرح الأصحاب من غير خلاف ينقل، قال شيخنا الشهيد الثاني في المسالك بعد نقل الرواية المذكورة دليلا للحكم المذكور: ولأنه مع عدم المنازع لا وجه لمنع المدعى منه ولا لطلب البينة ولا لإحلافه إذ لا خصم له حتى يترتب عليه ذلك. وفيه إشارة إلى ما قدمناه من أن البينة واليمين إنما هي في مقام الخصومة ومع عدم خصم يقابل بإنكار تلك الدعوى فليس المقام مقام البينة ولا اليمين.
ومن ذلك رواية ميسر (3) وهي صحيحة إليه قال: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام ألقى المرأة في الفلاة التي ليس فيها أحد فأقول لها ألك زوج؟ فتقول لا فأتزوجها؟