الشارع رخص للمالك ووسع عليه - كما هو المعهود من بناء الشريعة المحمدية المبنية على السهولة ورفع الحرج - أن يدفع من غير النصاب سواء كان من مال آخر غير عين الفريضة أو قيمة فلا منافاة.
وبذلك يظهر أن ما ذكره جملة من المتأخرين في هذا المقام - من أنه على تقدير تعلقها بالعين فهل هو بطريق الاستحقاق فالفقير شريك أو بطريق الاستيثاق فيحتمل أنه كالرهن ويحتمل كتعلق أرش الجناية بالعبد؟ قالوا: وتضعف الشركة بالاجماع على جواز أدائها من مال آخر وهو مرجح للتعلق بالذمة. وعورض بالاجماع على تتبع الساعي العين لو باعها المالك ولو تمحض التعلق بالذمة امتنع.
وفرعوا على ذلك ما لو بيع النصاب بعد الحول وقبل اخراج الزكاة فإنه ينفذ ذلك في نصيبه قولا واحدا، وفي قدر الفرض يبنى على الخلاف فعلى الشركة يبطل البيع ويتخير المشتري الجاهل لتبعيض الصفقة، وعلى القول بالذمة يصح البيع قطعا فإن أدى المالك لزم وإلا فالساعي يتبع العين فيتجدد البطلان ويتخير المشتري للتبعض، وعلى الرهن يبطل البيع إلا أن يتقدم الضمان أو يخرج من غيره، وعلى الجناية يكون البيع التزاما بالزكاة فإن أداها نفذ وإن منع تتبع الساعي العين - من ما لا حاجة تلجئ إليه ولا حكم يتوقف عليه بل الظاهر أنه تطويل بغير طائل وكلام لا يرجع إلى حاصل، والأخبار في ما ذكرناه مكشوفة القناع وهي الأحرى بالاقتداء والاتباع. والله العالم.
المطلب الرابع - في ما يستحب فيه الزكاة وهي أصناف: (الأول) مال التجارة، وعرفوه بأنه الذي يملك بعقد معاوضة بقصد الاكتساب به، فخرج منه ما ملك لا بعقد كالميراث وحيازة المباحات ونحو ذلك وإن قصد به الاكتساب وكذا خرج ما يملك بعقد لا على جهة المعاوضة كالهبة والصدقة والوقف ونحو ذلك. والمراد بالمعاوضة ما كانت معاوضة محضة وهي ما يقوم طرفاها بالمال كالبيع والصلح ونحوهما، ويخرج الصداق والخلع فإن أحد العوضين ليس مالا، وكذا