إلا أن يجعل الاجماع قرينة على ذلك، وفيه ما فيه.
بقي الكلام في الحد المسوغ لتناول هذين الصنفين للزكاة، ولا خلاف في أن الحد الشامل لهما عدم الغنى فإنه الشامل لمعناهما فإذا تحقق ذلك استحق صاحبه الزكاة، وإنما الخلاف في ما به يتحقق الغنى المانع لاستحقاق الزكاة.
فنقل عن الشيخ في الخلاف أنه قال: الغنى من ملك نصابا تجب فيه الزكاة أو قيمته. وقال في المبسوط: الغنى الذي يحرم معه أخذ الصدقة أن يكون قادرا على كفايته وكفاية من يلزمه كفايته على الدوام، فإن كان مكتفيا بصنعة وكانت صنعته ترد عليه كفايته وكفاية من يلزمه نفقته حرمت عليه وإن كانت لا ترد عليه حل له ذلك، هكذا حكم العقار، وإن كان من أهل البضائع احتاج أن يكون معه بضاعة ترد عليه قدر كفايته فإن نقصت عن ذلك حلت له الصدقة، ويختلف ذلك على حسب حاله حتى أن كان الرجل بزازا أو جوهريا يحتاج إلى بضاعة قدرها ألف دينار أو ألفا دينار فنقص عن ذلك قليلا حل له أخذ الصدقة. هذا عند الشافعي (1) والذي رواه أصحابنا أنها تحل لصاحب السبعمائة وتحرم على صاحب الخمسين وذلك على قدر حاجته إلى ما يتعيش به ولم يرووا أكثر من ذلك. وفي أصحابنا من قال إن من ملك نصابا يجب عليه فيه الزكاة كان غنيا وتحرم عليه الصدقة وذلك قول أبي حنيفة (2) انتهى.
والظاهر كما استظهره بعض الأصحاب أن المراد بقوله " على الدوام " أن يكون له ما يحصل به الكفاية عادة من صنعة أو ضيعة أو مال يتجر به بحيث لا ينقص فاضلها عن حاجته. وأما حمله على أن المراد به مؤنة السنة كما ذكره العلامة في المختلف فالظاهر بعده.
وقال ابن إدريس: اختلف أصحابنا في من يكون معه مقدار من المال ويحرم عليه بملك ذلك المال أخذ الزكاة، فقال بعضهم إذا ملك نصابا من الذهب وهو