وبالجملة فالقول المشهور بين المتقدمين لا يحلو من قوة ورجحان لما ذكرناه والاحتياط لا يخفى. والله العالم.
وههنا فوائد: الأولى - ظاهر عبارات أكثر الأصحاب (رضوان الله عليهم) أن هذه التقديرات على سبيل الوجوب وهو ظاهر الخبرين المتقدمين، وظاهر كلام العلامة في جملة من كتبه بل صريحة أنه على جهة الاستحباب حتى أنه قال في التذكرة بعد أن حكم بأنه يستحب أن لا يعطى الفقير أقل من ما يجب في النصاب الأول: وما قلناه على سبيل الاستحباب لا الوجوب اجماعا. انتهى.
أقول: الظاهر أن ما ذكره (قدس سره) لا يخلو من نظر فإن مقتضى كلام المتقدمين ودليلهم الذي ذكرناه هو الوجوب، والاستحباب إنما صرح به من ذهب إلى القول بعدم التحديد حملا للدليل المشار إليه على الاستحباب جمعا كما قدمنا نقله عنهم.
الثانية - قد عرفت أن القائلين بالتحديد في القول الأول حددوا الأقل من نصاب الدراهم بالخمسة دراهم والأقل من نصاب الذهب بنصف دينار وهو عشرة قراريط، ولم يصل إلينا في الأخبار ما يتعلق بنصاب الذهب وإنما الموجود فيها ما تقدم من الدراهم، والظاهر أن مثل ابني بابويه إنما ذكروا ذلك لخبر وصلهم فيه ثم إنه على تقدير ما وصل إلينا من الأخبار فيحتمل سقوط التحديد في غير الدراهم مطلقا كما هو مقتضى الأصل، ويحتمل اعتبار بلوغ قيمة المدفوع ذلك ذهبا كان أو غيره، واختاره شيخنا الشهيد الثاني (قدس سره) وهو الأحوط.
ولو فرض نقص قيمة الواجب عن ذلك كما لو وجب عليه شاة واحدة لا تساوي خمسة دراهم دفعها إلى الفقير وسقط اعتبار التقدير قطعا.
الثالثة - إنما يستحب أو يجب اعطاء الخمسة دراهم إذا بلغ الواجب ذلك، فلو أعطى ما في النصاب الأول لواحد ثم وجبت عليه الزكاة في النصاب الثاني