لبني هاشم؟ فقال لا ولكن صدقات بعضهم على بعض تحل لهم. فقلت جعلت فداك إذا خرجت إلى مكة كيف تصنع بهذه المياه المتصلة بين مكة والمدينة وعامتها صدقة؟ قال سم فيها شيئا. قلت عين ابن بزيع وغيره. قال وهذه لهم ".
وظاهرهما من ما ينافي الأخبار الأولة إلا أن تلك الأخبار مع كثرتها معتضدة بفتوى الأصحاب بل اتفاقهم في الظاهر كما عرفت وإن من خالف إنما خالف سهوا عن ملاحظة تلك الأخبار، وللأصحاب أن يحملوا التحريم في ظاهر هذين الخبرين على الكراهة المؤكدة.
الثالث - لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) على ما نقله غير واحد في جواز اعطائهم من الصدقة الواجبة عند قصور الخمس عن كفايتهم.
ويدل على ذلك قوله في موثقة زرارة (1) المتقدمة في الموضع الأول بعد ذكر ما قدمنا نقله: " ثم قال عليه السلام إن الرجل إذا لم يجد شيئا حلت له الميتة والصدقة لا تحل لأحد منهم إلا أن لا يجد شيئا ويكون ممن تحل له الميتة ".
إنما الخلاف في القدر الذي يجوز لهم أخذه في تلك الحال، فقيل إنه لا يقدر بقدر ونسبه في المختلف إلى الأكثر، واحتج عليه بأن أبيح له الزكاة فلا يتقدر بقدر للأخبار الدالة على أن الزكاة لا تتقدر بقدر وأنه يجوز أن يعطى الفقير ما يغنيه (2) وضعفه يظهر من ما يأتي. وقيل إنه لا يتجاوز قدر الضرورة واستقر به العلامة في المنتهى والشهيد في الدروس على ما نقل عنهما واختاره غير واحد من المتأخرين، إلا أنهم فسروا قدر الضرورة بقوت يوم وليلة، والمفهوم من الخبر وجعله من قبيل أكل الميتة أن القدر المذكور أقل من ذلك. وبالجملة فالأدلة المتقدمة قد صرحت بالتحريم خرج منه ما وقع عليه الاتفاق نصا وفتوى من القدر الضروري، وبذلك يظهر بطلان القول الأول.