قال: " قد تحل الزكاة لصاحب السبعمائة وتحرم على صاحب الخمسين درهما. فقلت له وكيف يكون هذا؟ قال إذا كان صاحب السبعمائة له عيال كثير فلو قسمها بينهم لم تكفه فليعف عنها نفسه وليأخذها لعياله، وأما صاحب الخمسين فإنه تحرم عليه إذا كان وحده وهو محترف يعمل بها وهو يصيب منها ما يكفيه إن شاء الله تعالى ".
دلت هذه الأخبار بمفاهيمها على أن السبعمائة المذكورة فيها لو قامت بمؤنة سنته لم يجز له أخذ الزكاة كما دل عليه الخبران الأولان.
وأما القول بحصول الغنى بملك النصاب فنقل الاستدلال عليه بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله (1) أنه قال لمعاذ: " أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم " فجعل الغني من تجب عليه الزكاة ومقتضاه أن من لا تجب عليه ليس بغني فيكون فقيرا. وبأن مالك النصاب يجب عليه دفع الزكاة فلا يحل له أخذها للتنافي.
ورد الأول بأن الرواية عامية فلا تقوم حجة مع ما في الدلالة من إمكان المناقشة. والثاني بالمنع من التنافي فإنه مجرد استبعاد لا دليل عليه.
فروع الأول - لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) في أن من قصر كسبه عن مؤنة سنته أو قصر ماله فإنه يأخذه من الزكاة وإنما اختلفوا في المأخوذ بأنه هل يتقدر بقدر أم لا؟ فالمشهور الثاني وقيل بالأول وهو أنه لا يأخذ أزيد من تمام مؤنة سنته، وظاهر جماعة من الأصحاب أن محل الخلاف ذو الكسب القاصر وظاهر كلام المنتهى وقوع الخلاف في غيره من المال أيضا، حيث قال ولو كان معه ما يقصر عن مؤنته ومؤنته ومؤنة عياله حولا جاز له أخذ الزكاة لأنه محتاج وقيل لا يأخذ زائدا عن تتمة المؤنة حولا وليس بالوجه. إلا أنه قال في موضع آخر من الكتاب المذكور: يجوز أن يعطى الفقير ما يغنيه وما يزيد على غناه