تقدم ذلك في صحيحة الحلبي (1) ولكن اختلف كلامهم في مقدار نصابه فذهب الأكثر إلى أنه إن أخرج بالغوص روعي مقدار دينار وإن جنى من وجه الماء أو من الساحل كان له حكم المعادن.
قال في المدارك: ويشكل بانتفاء ما يدل على اعتبار الدينار في مطلق المخرج بالغوص وبالمنع من اطلاق اسم المعدن على ما يجني من وجه الماء.
أقول: ما الاشكال الثاني فوجهه ظاهر، وأما الأول ففيه أن الظاهر من الرواية المشتملة على ذكر الدينار أن ما ذكر فيها من ما يخرج من البحر من اللؤلؤ وما بعده من الأفراد إنما هو على جهة التمثيل لا الحصر، وعلى هذا بني الاستدلال بها على نصاب الدينار في ما أخرج بالغوص مطلقا كما عليه اتفاق الأصحاب قديما وحديثا.
الرابع - قال في القاموس: العنبر من الطيب روث دابة بحرية أو نبع عين فيه. ونقل عن ابن إدريس في سرائره أنه نقل عن الجاحظ في كتاب الحيوان أنه قال يقذفه البحر إلى جزيرة فلا يأكل منه شئ إلا مات ولا ينقره طائر بمنقاره إلا نصل فيه منقاره وإذا وضع رجله عليه نصلت أظفاره. وحكى الشهيد في البيان عن أهل الطب أنهم قالوا إنه جماجم تخرج من عين في البحر أكبرها وزنه ألف مثقال.
وعن الشيخ أنه نبات في البحر. وعن ابن جزلة المتطبب في كتاب منهاج البيان أنه من عين في البحر. ونقل في كتاب مجمع البحرين عن كتاب حياة الحيوان قال:
والعنبر المشموم قيل إنه يخرج من قعر البحر يأكله بعض دوابه لدسومته فيقذفه رجيعا فيطفو على الماء فيلقيه الريح إلى الساحل.
وظاهر أكثر هذه العبائر أنه إنما يؤخذ من وجه الماء أو من الساحل بعد أن تقذفه الريح وأما أنه يؤخذ بالغوص فهو بعيد عن ظواهرها، فما ذكروه من التفصيل المتقدم مع خلوه من الدليل بعيد عن ظاهر الرواية المتقدمة وكلام هؤلاء القوم.