هنا بوجود الخلاف في المسألة. وأما الاحتياط فإنما بكون في مقام اختلفت فيه الأدلة ولا اختلاف في المقام بل الأدلة على القول المختار واضحة ولا معارض لها سوى رواية داود الصرمي وقد قلنا بمضمونها فأي معنى لهذا الاحتياط؟ ولو تم هذا الاحتياط هنا لجرى في جميع ما اتفقت عليه الأدلة من الأحكام وهو من ما لا يقول به أحد من الأعلام بل ولا أحد من الأنام. وأما يقين البراءة فإنه حاصل بما ذكرناه من الأدلة عموما وخصوصا كما عرفت. وأما النهي عن معونة الفساق فإنما هي من حيث الفسق كما يشعر به تعليق الوصف والأمر هنا ليس كذلك، مع ما عرفت من صراحة رواية العلل في جواز الدفع وإن كان يعلم أنه يصرفه في معصية الله.
وأما القول باشتراط مجانبة الكبائر فلم أقف له على دليل إلا رواية داود الصرمي وهي أخص من المدعى فلا تصلح للدلالة.
الثالث من الأوصاف المتقدمة - أن لا يكون من واجبي النفقة على المالك كالأبوين وإن علوا والأولاد وإن نزلوا والزوجة والمملوك، وهذا الحكم من ما لا خلاف فيه بين الأصحاب.
ويدل على ذلك من الأخبار ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمان بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام (1) قال: " خمسة لا يعطون من الزكاة شيئا: الأب والأم والوالد والمملوك والمرأة، وذلك أنهم عياله لازمون له ".
وما رواه الكليني في الموثق عن إسحاق بن عمار عن أبي الحسن موسى عليه السلام (2) قال: " قلت له لي قرابة أنفق على بعضهم وأفضل بعضهم على بعض فيأتيني إبان الزكاة أفأعطيهم منها؟ قال مستحقون لها؟ قلت نعم قال هم أفضل من غيرهم اعطهم.
قال قلت فمن ذا الذي يلزمني من ذوي قرابتي حتى لا أحتسب الزكاة عليهم؟ فقال أبوك وأمك. قلت أبي وأمي؟ قال الوالدان والولد ".