قال في المدارك بعد نقل ذلك عن المنتهى: ويشكل بأن مقتضى رواية ابن أبي نصر مساواة الخمس الزكاة في اعتبار النصاب الثاني كالأول إلا أني لا أعلم بذلك مصرحا. انتهى.
أقول: لا يخفى أن المراد من السؤال في الرواية المذكورة إنما هو السؤال عن المقدار الذي يتعلق به الخمس بحيث لا يجب في ما هو أقل منه كما هو ظاهر من رواية المقنعة فأجاب عليه السلام بقدر ما تجب الزكاة في مثله وهو عشرون دينارا أو مائتا درهم، لا إن المراد المساواة في النصب ليكون ما بينها عفوا لا خمس فيه كالزكاة.
وبالجملة فالمقصود بالسؤال والجواب إنما هو المساواة في مبدأ تعلق الخمس كما في مبدأ تعلق الزكاة.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنه لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) في أن ما يوجد في دار الحرب فإنه لآخذه وعليه الخمس أعم من أن يكون عليه أثر الاسلام أم لا.
قالوا: أما إنه لواجده فلان الأصل في الأشياء الإباحة، والتصرف في مال الغير إنما يحرم إذا كان ملكا لمحترم وهو هنا غير معلوم أو تعلق به نهي خصوصا أو عموما وهو هنا غير ثابت، وحينئذ فيكون باقيا علي مقتضى الإباحة الأصلية وأما وجوب الخمس فلما تقدم من الأخبار.
أقول: ولك أن تقول أن المعلوم من أحاديث وجوب الخمس في الكنز وغيره من معدن وغوص ونحوهما من أصناف ما يجب فيه الخمس أن وجوب الاخراج متفرع على ملك المخرج ليتجه الخطاب له بالاخراج إذ لا يعقل الوجوب عليه في مال غيره، فايجاب الخمس في الصورة المذكورة بالأخبار المتقدمة مستلزم للملك البتة، وحينئذ فتكون الأخبار المشار إليها دالة على كل من الأمرين.
وأما ما يوجد في دار الاسلام فإن لم يكن عليه أثر الاسلام فهو لواجده أيضا وعليه الخمس سواء كان في أرض مباحة أو مملوكة ولم يعترف به المالك.