لم يعطوا منها إذا هم يسخطون. انتهى. ولعل المراد بالمؤمنين في قوله عليه السلام " وتألفهم المؤمنون " في خبر موسى بن بكر هم الأئمة (صلوات الله عليهم) ولكن المراد بالتألف الاستمالة إلى الدين الحق والاستقرار عليه بالهداية والتعليم والادخال فيه بالطريق الأحسن لا بالمال، فإنهم (صلوات الله عليهم) لم تكن لهم يد مبسوطة تقتضي التأليف بالزكاة.
ثم إن أصحابنا (رضوان الله عليهم) اختلفوا في سقوط هذا السهم بعد النبي صلى الله عليه وآله وعدمه، وبالأول قطع الصدوق في الفقيه حيث قال: وسهم المؤلفة قلوبهم ساقط بعد رسول الله صلى الله عليه وآله. إلى الثاني بميل كلام المحقق في المعتبر حيث قال: إن الظاهر بقاؤه لأن النبي صلى الله عليه وآله كان يعتمد التأليف إلى حين وفاته ولا نسخ بعده.
وقال الشيخ إنه يسقط في زمن غيبة الإمام خاصة لأن الذي يتألفهم إنما يتألفهم للجهاد وأمر الجهاد موكول إلى الإمام وهو غائب.
واعترضه في المنتهى بأنا نقول قد يجب الجهاد في حال غيبة الإمام عليه السلام بأن يدهم المسلمين والعياذ بالله عدو يخاف منه عليهم فيجب عليهم الجهاد لدفع الأذى لا للدعاء إلى الاسلام فإذا احتيج إلى التأليف حينئذ جاز صرف السهم إلى أربابه من المؤلفة. انتهى. قال في المدارك بعد نقله: ولا ريب في قوة هذا القول تمسكا بظاهر التنزيل السالم من المعارض.
أقول: لا يخفى عليك بعد الوقوف على ما قدمناه من أخبارهم (عليهم السلام) أن هذا الخلاف والبحث في هذا المقام نفخ في غير ضرام فإن كلامهم أولا وآخرا يدور كله على أن المراد بالمؤلفة في الآية الشريفة هو التأليف لأجل الجهاد مع أنهم لم ينقلوا بذلك خبرا ولا أوردوا عليه دليلا، والأخبار الواردة في تفسيرها كلها كما عرفت قد اتفقت على أن التأليف إنما هو لأجل البقاء على الدين والثبات عليه لمن دخل فيه دخولا متزلزلا غير مستقر فأمر الله تعالى رسوله بدفع هذا السهم