والروايات كلها إنما دلت على أن وقتها بعد طلوع الشمس ولم نطلع على ما يدل على الامتداد إلى الزوال كما يدعونه.
وثانيا - أن هذا التجوز وإن تم له في هذه الرواية إلا أنه لا يتم له في الروايات التي قدمناها المشتملة على التفصيل بقبل الخروج إلى الصلاة وبعد الرجوع من الصلاة فإنه لا مجال لهذا التجوز بل يتعين حمل الصلاة على معناها الحقيقي.
إلا أنه قد روى السيد رضي الدين بن طاووس (عطر الله مرقده) في كتاب الاقبال نقلا من كتاب عبد الله بن حماد الأنصاري عن أبي الحسن الأحمسي عن أبي عبد الله عليه السلام (1) قال: " أد الفطرة عن كل حر ومملوك.. إلى أن قال: قلت أقبل الصلاة أو بعدها؟ قال: إن أخرجتها قبل الظهر فهي فطرة وإن أخرجتها بعد الظهر فهي صدقة ولا تجزئك. قلت فأصلي الفجر وأعزلها فأمكث يوما أو بعض يوم ثم أتصدق بها؟ قال لا بأس هي فطرة إذا أخرجتها قبل الصلاة.. الحديث ".
والأقرب عندي أن لفظ " الظهر " في الخبر وقع سهوا من الراوي أو غلطا في النسخ وإنما هو " الصلاة " ويؤيده مفهوم قوله في آخر الخبر " هي فطرة إذا أخرجتها قبل الصلاة " الدال على أنها بعد الصلاة ليست بفطرة، وبذلك يجمع بينه وبين الأخبار المتقدمة. وبذلك يظهر لك بطلان ما عدا القول الأول الذي عليه من بينها المعول. وهكذا حقق المقام ولا تصغ إلى ما زلت به أقدام أقلام أولئك الأعلام.
الموضع الثالث - اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في جواز تقديم الفطرة، والمشهور بين الأصحاب أنه لا يجوز التقديم إلا على جهة القرض ثم احتساب ذلك عن الفطرة في وقت وجوبها، ذهب إليه الشيخ المفيد في المقنعة والشيخ في الإقتصاد وأبو الصلاح وابن إدريس والعلامة في بعض كتبه وغيرهم، وقيل بالجواز وهو قول الشيخ في المبسوط والخلاف وابني بابويه، قال في المختلف: