بقي الكلام في أن الأمر في بعض هذه الأخبار بزكاة المال لسنة واحدة هل هو على الاستحباب أو الوجوب؟ المشهور الأول بناء على اشتراط إمكان التصرف في الوجوب طول الحول كما تضمنته موثقة إسحاق المتقدمة وروايات الحول، وظاهر بعض فضلاء متأخري المتأخرين الوجوب وحمل مطلق الأخبار على مقيدها. ولا ريب أنه الأحوط.
مسائل الأولى - اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في الدين الذي يقدر صاحبه على أخذه متى شاء لو لم يأخذه هل تجب عليه فيه الزكاة بعد الحول أم لا؟ قولان اختار أولهما الشيخ في النهاية والجمل والخلاف والمبسوط والشيخ المفيد والسيد المرتضى، وثانيهما ابن أبي عقيل وابن الجنيد وابن إدريس، وهو المشهور بين المتأخرين ومتأخريهم.
ومنشأ الاختلاف اختلاف ظواهر الأخبار، ففي الموثق عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام (1) قال: " قلت له ليس في الدين زكاة؟ قال لا ".
وفي موثقة إسحاق بن عمار (2) قال: " قلت لأبي إبراهيم عليه السلام الدين عليه زكاة؟ فقال لا حتى يقبضه. قلت فإذا قبضه أيزكيه؟ قال لا حتى يحول عليه الحول في يده " وموثقة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام (3) قال: " سألته عن رجل يكون نصف ماله عينا ونصفه دينا فتحل عليه الزكاة؟ قال يزكي العين ويدع الدين.
وصحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة قريبا (4) وتؤيده الأخبار الدالة على أن كل ما لا يحول عليه الحول عند ربه فلا شئ عليه (5) هذا ما يدل على المشهور.
وأما ما يدل على القول الآخر فموثقة زرارة المتقدمة (6) وقوله فيها: