الأحكام نظر أو القدر المتحقق من ذلك جواز البناء على قدر الخرص عند عدم العلم بالمقدار وجواز التصرف في الثمرة بعد الضمان، لأن ذلك فائدة الخرص وللإجماع المنقول عليه من جماعة: منهم العلامة في المنتهى، فإنه قال: لو أكل المالك رطبا فإن كان ذلك بعد الخرص والتضمين جاز اجماعا لأن فائدة الخرص إباحة التناول، وإن كان بعد الخرص وقبل التضمين بأن خرص عليه الخارص ولم يضمنه جاز أيضا إذا ضمن نصيب الفقراء، وكذلك لو كان قبل الخرص إذا خرصها هو بنفسه أما مع عدم الخرص فلا. انتهى.
ثم قال في المدارك: واعلم أنا لم نقف للأصحاب على تصريح بمعنى الضمان هنا والظاهر أن المراد به العزم على أداء الزكاة ولو من غير النصاب.
أقول: إذا عرفت ذلك فاعلم أن في المقام اشكالا لم أقف على من تنبه له ولا نبه عليه، وذلك فإنه لا ريب في صحة هذا الكلام وما فرعوه عليه من الفروع الداخلة في سلك هذا النظام بناء على ما هو المشهور من أن الوقت الذي تتعلق به الزكاة في الغلات عبارة عن بدو الصلاح وانعقاد الحب واشتداده، وأما على القول الآخر من أن الوقت الذي تتعلق به إنما هو ما إذا صارت تمرا وزبيبا وحنطة وشعيرا فلا أعرف وجه صحة لهذا الكلام، كيف وقد جعلوا من فروع القولين عدم جواز تصرف المالك بعد بدو الصلاح وانعقاد الحب إلا مع الخرص والتضمين بناء على القول المشهور وجوازه مطلقا على الآخر، والمحقق المذكور ممن ذهب في كتبه الثلاثة إلى القول بعدم تعلق الوجوب إلا بعد التسمية بتلك الأسماء المذكورة. وفي المعتبر بعد أن صرح بذلك نقل عن الشيخ القول المشهور وفرع الفرع المذكور على القولين ثم بعد هذا بسطرين أو ثلاثة ذكر مسألة الخرص بالنحو الذي نقلناه عنه وهو من أعجب العجاب عند ذوي الألباب. ومثله صاحب المدارك فإن ظاهره في تلك المسألة اختيار قول المحقق وفي مسألة الخرص جرى على ما جرى عليه المحقق من أنه لا بد في صحة التصرف من الخرص والضمان.