لم تكن في كتاب الزكاة وإنما هي في كتاب الديون لم يطلع عليها وكذا غيرها من ما نقلناه وأما ما نقله عن المعتبر من جواز اعطائه مع التوبة فالظاهر أنه مبني على ما أجاب به هنا عن التعليل الذي استدل به الأصحاب على عدم جواز الدفع من هذا السهم لمن أنفق ما استدانه في معصية وأنه مع التوبة لا يقبح الأداء عنه وإن كان كذلك.
وأنت قد عرفت أنا لا نعتمد على هذه التعليلات الواهية وإنما العلة هي النصوص المذكورة والتوبة لا مدخل لها في ذلك، لأن الظاهر أن ايجاب الشارع القضاء عليه من غير أن يعطى من هذا السهم ما يقضي به عن نفسه إنما وقع عقوبة له في ما فعل من صرف ما استدانه في المعصية كما ينادي به قول الرضا عليه السلام في الرواية الأولى (1) " يسعى له في ماله ويرده عليه وهو صاغر ".
وبالجملة فإن الأخبار وكلمة الأصحاب متفقة على أن الدفع من هذا السهم مخصوص بمن استدان في غير معصية، والخروج عن ذلك من غير دليل واضح مع كونه تحكما محضا جرأة كما لا يخفى على المنصف. إلا أن ذلك إنما هو بالنسبة إلى من وقف على الأخبار المذكورة وأما من لم يقف عليها فهو معذور في ما ذكره. إلا أن الحكم في المسألة قبل تتبع الأدلة الشرعية من مظانها مشكل فنسأل الله تعالى لنا ولهم المسامحة بجوده ومغفرته.
وثالثها - إنه قد ذكر الأصحاب أنه لو جهل مصرف الدين في طاعة أو معصية فإنه يعطى من سهم الغارمين، ونقل عن الشيخ القول بالمنع، قالوا وربما كان مستنده رواية محمد بن سليمان المتقدمة في أول الأخبار السابقة (2) وقوله فيها " قلت فما لهذا الرجل الذي إئتمنه وهو لا يعلم في ما أنفقه في طاعة الله عز وجل أم في معصيته؟
قال يسعى له في ماله ويرده عليه وهو صاغر " قالوا: وهذه الرواية ضعيفة جدا فلا يمكن التعويل عليها في اثبات حكم مخالف للأصل، لأن الأصل في تصرفات المسلم