موت عثمان ورجوع الخلافة إلى مقرها ومستقرها انتسخت تلك البدعة، ولما انتقلت إلى معاوية أحيى سنة عثمان، ومن أجل ذلك نسب ذلك في بعض الأخبار إلى عثمان وفي بعض إلى معاوية، ووجه الجمع ما ذكرناه.
وروى المحقق في المعتبر مرسلا عن أمير المؤمنين عليه السلام (1) " أنه سئل عن الفطرة فقال: صاع من طعام. فقيل أو نصف صاع؟ فقال بئس الاسم الفسوق بعد الايمان " (2).
بقي الكلام في أنه قد ورد النصف في غير الحنطة أيضا في الأخبار المتقدمة وهو غير قابل لهذا التأويل لاطباق الكل على خلافه، والشيخ قد أورد الأخبار المتضمنة لذلك فقال إنها محمولة على التقية (3) واستدل بالأخبار الواردة في الحنطة خاصة، ولم أر من تعرض للجواب عن ذلك بوجه.
وأما قدر الصاع فقد تقدم بيانه في الزكاة المالية.
ثم إن الشيخ وجماعة من الأصحاب قد ذكروا أنه يجزئ من اللبن أربعة أرطال، ومستند هم في ذلك إلى ما رواه الشيخ عن القاسم بن الحسن رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام (4) قال: " سئل عن الرجل في البادية لا يمكنه الفطرة؟ قال يتصدق بأربعة أرطال من لبن " ورواه الكليني في الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه رفعه عن أبي عبد الله عليه السلام (5).
ولا يخفى أن الخروج عن تلك الأخبار المستفيضة بوجوب الصاع بمثل هذا الخبر الضعيف السند المجمل القابل للتأويل مشكل، فإن الأرطال فيه غير معلومة بأنها من الأرطال المدنية أو العراقية والصاع كما تقدم ستة بالمدني وتسعة بالعراقي، وظاهر الخبر عدم التمكن من الفطرة فيمكن حمله على الاستحباب. واحتمل بعض الأصحاب