أن وضع الأرطال هنا موضع الأمداد وقع سهوا من الراوي، ولا يخلو عن قرب بأن يكون معنى قوله: " لا يمكنه الفطرة " يعني من الغلات.
والشيخ قد فسر الأرطال هنا بالمدنية استنادا إلى ما رواه عن محمد بن أحمد عن محمد بن عيسى عن محمد بن الريان (1) قال: " كتبت إلى الرجل عليه السلام أسأله عن الفطرة وزكاتها كم تؤدى؟ فكتب أربعة أرطال بالمدني " مع أنه بعد ذكر هذه الرواية احتمل فيها وجهين: أحدهما أن يكون الأربعة أمداد فصحف الراوي، والثاني أنه أراد أربعة أرطال من اللبن والأقط لأن من كان قوته ذلك يجب عليه منه القدر المذكور أقول: ويحتمل أيضا تبديل الستة بالأربعة وهو الأوفق بتقييده بالمدني.
وبالجملة فالخروج عن تلك الأخبار بمثل هذين الخبرين المجملين مشكل، ولذا قال في المعتبر: والرواية في الضعف على ما ترى.
قال في المدارك بعد نقل ذلك عن المعتبر: وكأن الوجه في ذلك اطباق الأصحاب على ترك العمل بظاهرها وإلا فهي معتبرة الاسناد. انتهى.
أقول: فيه أولا - إن الصحة على الوجه الصحيح والنهج الصريح إنما هو عبارة عن مطابقة مضمون الرواية لمقتضى الأصول والقواعد والكتاب والسنة المستفيضة واتفاق الأصحاب ونحو ذلك صح سندها باصطلاحه أو ضعف، والصحة باعتبار الأسانيد كما عليه أصحاب هذا الاصطلاح إنما هي صحة مجازية وإلا فالواجب عليه القول بمضمون هذه الرواية لصحة سندها واعتباره عنده وإن أطبق الأصحاب على ترك العمل به ولا أراه يتفوه به، ومثل ذلك في الأخبار من ما صح سنده وأعرض الأصحاب عنه كثير كما لا يخفى على المتتبع.
وثانيا - أنه لا يخفى أن محمد بن عيسى في سند الخبر مشترك بين العبيدي والأشعري وهو دائما يعد حديث العبيدي في الضعيف ويرد حديثه كما عليه أكثر أصحاب هذا الاصطلاح فكيف يدعى أن الرواية معتبرة الاسناد؟