وأما ثالثا فإن ما اختاره من دفع الخمس كملا أو حصته عليه السلام إلى النائب العام في حال الغيبة مع الاغماض عن المناقشة في ما ادعاه من عدم التحليل لا يخلو عندي من نظر وإن كان قد سبقه إلى القول بذلك جملة من الأصحاب بالنسبة إلى حصة الإمام عليه السلام فإنا لم نقف له على دليل، وغاية ما يستفاد من الأخبار نيابته بالنسبة إلى الترافع إليه والأخذ بحكمه وفتاواه وأما دفع الأموال إليه فلم أقف له على دليل لا عموما ولا خصوصا. وقياسه على النواب الذين ينوبونهم (عليهم السلام) حال وجودهم لذلك أو لما هو أعم منه لا دليل عليه.
ويؤيد ما ذكرناه ما نقلوه عن شيخنا المفيد (قدس سره) في المسائل الغرية حيث قال: إذا فقد إمام الحق ووصل إلى الانسان ما يجب فيه الخمس فليخرجه إلى يتامى آل محمد صلى الله عليه وآله ومساكينهم وأبناء سبيلهم وليوفر قسط ولد أبي طالب عليه السلام لعدول الجمهور عن صلتهم ولمجئ الرواية عن أئمة الهدى (عليهم السلام) بتوفير ما يستحقونه من الخمس في هذا الوقت على فقراء أهلهم وأيتامهم وأبناء سبيلهم.
هذا مع ما في كلامه أيضا من المناقشات الأخر. وبالجملة فإن كلامه (قدس سره) في هذا المقام من أبعد البعيد من مثله من الأعلام ذوي النقض والابرام.
وأما القولان الأخيران فالكلام فيهما معلوم من ما سبق. والله العالم بحقائق أحكامه وأولياؤه القائمون بمعالم حلاله وحرامه.
الفصل الثالث في الأنفال جمع نفل بسكون الفاء وفتحها وهو لغة: الغنيمة والهبة كما ذكره في القاموس، وقال الأزهري: النفل ما كان زيادة على الأصل. سميت الغنائم بذلك لأن المسلمين فضلوا بها على سائر الأمم الذين لم تحل لهم الغنائم، وسميت صلاة التطوع نافلة لأنها زيادة على الفرض، وقال الله تعالى: " ووهبنا له إسحاق ويعقوب