والأظهر في الجواب وإن لم يهتد إليه سوى شيخنا الصدوق من الأصحاب هو ما يظهر منه (قدس سره) في كتاب معاني الأخبار (1) من الفرق بين صاع الغسل وصاع الفطرة، حيث قال (باب معنى الصاع والمد والفرق بين صاع الماء ومده وبين صاع الطعام ومده) ثم ذكر رواية المروزي ورواية الهمداني المتقدمة وهي الأولى الدالة على أن الصاع ستة أرطال بالمدني وتسعة بالعراقي المشعرة من حيث ذلك بكون الصاع أربعة أمداد لأن المد رطل ونصف بالمدني ورطلان وربع بالعراقي، وظاهره حمل رواية المروزي على صاع الماء ورواية الهمداني على صاع الطعام وبذلك يندفع عنه ما أورد عليه في كتاب من لا يحضره الفقيه (2) من ايراده رواية المروزي في باب الغسل الدالة على أن الصاع خمسة أمداد وايراده في زكاة الفطرة من الكتاب (3) رواية الهمداني المتقدمة الدالة على أن الصاع أربعة أمداد مع ما يظهر من كلامه في أول كتابه من الافتاء بما يرويه فيه.
وتوضيح الفرق المذكور على ما ذكره بعض مشايخنا (رضوان الله عليهم) أن المد والرطل والصاع كانت يومئذ مكاييل معينة فقدرت بوزن الدراهم ونحوها صونا عن تطرق التغيير الذي كثيرا ما يتطرق إلى المكاييل، ومن الظاهر أن الأجسام المختلفة يختلف قدرها بالنسبة إلى مكيال معين فلا يمكن أن يكون الصاع من الماء موافقا للصاع من الحنطة والشعير وشبههما، فلذا كان الصاع المعتبر في وزن الماء لأجل الوضوء والغسل وأمثالهما أثقل من ما ورد في الفطرة ونصاب الزكاة ونحوهما لكون الماء أثقل من الحبوب مع تساوي الحجم كما هو معلوم. فظهر أن هذا الوجه أوجه الوجوه في الجمع بين الأخبار.
أقول: ما ذكرناه من الجواب عن هذا الاشكال من ما تنبه له شيخنا المجلسي (قدس سره) في كتاب البحار حيث قال - بعد ذكر الخبر المذكور وما خالفه من الأخبار الدالة على أن الصاع أربعة أمداد ما صورته: ويمكن الجمع بينها بوجوه: