ابن سنان المصرحة بأنها بعد الصلاة صدقة، غاية الأمر أنها دلت على جواز التقديم من أول الشهر رخصة أو قرضا على الخلاف الآتي بيانه إن شاء الله تعالى.
احتج العلامة في المنتهى على ما اختاره من جواز تأخيرها بعد الصلاة وتحريم التأخير عن يوم العيد بصحيحة العيص بن القاسم (1) قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الفطرة متى هي؟ فقال قبل الصلاة يوم الفطر. قلت فإن بقي منه شئ بعد الصلاة؟ فقال لا بأس نحن نعطي عيالنا منه ثم يبقى فنقسمه ".
قال في المدارك بعد نقل هذه الرواية: ويدل عليه أيضا اطلاق قول الصادقين (عليهما السلام) في صحيحة الفضلاء " يعطي يوم الفطر فهو أفضل ".
أقول: أما ما ذكره من الاستدلال بصحيحة الفضلاء فقد عرفت الجواب عنه، وأما صحيحة العيص فصدرها ظاهر الدلالة في القول الأول، وأما عجزها فهو محمول على العزل جمعا كما سيأتي في الأخبار (2) أنك إذا عزلتها لا يضرك متى أخرجتها. وبذلك تجتمع مع الأخبار السابقة.
ولا يخفى أنه مع العمل على ما يدعى من ظاهر هذه الرواية وهو الامتداد إلى آخر النهار يلزم منه طرح الأخبار الأولة مع كثرتها وصراحة أكثرها في المدعى والعمل بالدليلين مهما أمكن أولى من طرح أحدهما، إلا أن الأصحاب لم ينقلوا في المسألة ما نقلناه من هذه الأخبار وإنما الدائر في كلامهم الاستدلال لهذا القول برواية إبراهيم بن ميمون خاصة.
وأما ما اختاره في المختلف من الامتداد إلى الزوال فإنما استند فيه إلى صحيحة العيص بن القاسم وقوله فيها: " قبل الصلاة يوم الفطر " فحمل الصلاة على معنى وقت الصلاة، ووقت الصلاة عندهم ممتد إلى الزوال.
وفيه أولا - أنه وإن كان المشهور بينهم امتداد وقت صلاة العيد إلى الزوال إلا أنا لم نقف لهم على دليل يدل عليه غير مجرد ما يدعونه من اتفاقهم على ذلك،