(لا يقال) إن هذا مبني عندهم على تقدير القول المشهور (لأنا نقول) لو كان الأمر كذلك لأشاروا إليه ونبهوا عليه وكلامهم هذا كله إنما جرى على سبيل الفتوى في المسألة كغيرها من المسائل كما لا يخفى على من راجع كلامهم وما فيه من زيادة التأكيد في الحكم المذكور.
هذا. وأما ما ذكره من أخبار الخرص فمنه ما هو عامي ومنه ما لا دلالة فيه مثل خبر إرسال عبد الله بن رواحة يخرص على اليهود فإن ذلك ليس من المسألة في شئ، فإن الخبر الوارد بذلك في يهود خيبر الذين قبلهم النبي صلى الله عليه وآله أرضها ونخيلها بالنصف فهم شركاء بلا ريب من أول بدو الحاصل، وإنما الأخبار الدالة على الخرص ما قدمناه من صحيحة سعد بن سعد الأشعري والروايات الآتية قريبا إن شاء الله تعالى.
المقام العاشر - قد صرح العلامة في التذكرة بأنه إن كانت الثمرة جنسا واحدا أخذ منه جيدا كان كالبرني وهو أجود نخيل الحجاز أو رديئا كالجعرور ومصران الفارة ولا يطالب بغيره، ولو تعددت الأنواع أخذ من كل نوع بحصته ولا يجوز اخراج الردئ لقوله تعالى: " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون " (1) ولا يجوز أخذ الجيد عن الردئ لقوله صلى الله عليه وآله (2) " إياك وكرائم أموالهم " فإن تطوع المالك جاز. انتهى. وهو تفصيل حسن.
ويدل على ما ذكره من عدم جواز اعطاء الردئ عن الجيد روايات عديدة:
منها - ما رواه في الكافي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام (3) " في قول الله عز وجل:
يا أيها الذين آمنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم، ومن أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون " (4) قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أمر بالنخل أن