في الجملة، ويظهر من الشيخ في المبسوط التوقف في هذا الحكم حيث أسنده إلى رواية الأصحاب، وهو في محله لما عرفت. وجل الأصحاب (رضوان الله عليهم) قد عملوا بالخبر في الحكم الأول وتركوا الحكم الثاني، وربما ظهر من رواية الصدوق له في الفقيه من غير تعرض للطعن في متنه العمل بمضمونه، وكذا الشيخ كما يفهم من تأويله الآتي.
والاشكال الأول إنما يتوجه على رواية الشيخ والكليني للخبر المذكور كما قدمناه وأما الصدوق في الفقيه فإنه رواه هكذا: " لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يأمر المؤمنات من نسائه بذلك " وكذلك في العلل رواه كما في الفقيه. وربما أجيب - على تقدير صحة هذه الزيادة - بأنه كان يأمر فاطمة أن تأمر المؤمنات بذلك، ويعضده ما في صحيحة زرارة (1) قال: " سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قضاء الحائض الصلاة ثم تقضي الصوم؟ فقال ليس عليها أن تقضي الصلاة وعليها أن تقضي صوم شهر رمضان. ثم أقبل علي فقال إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يأمر بذلك فاطمة وكانت تأمر بذلك المؤمنات " واحتمل بعضهم أن المراد بفاطمة هنا بنت أبي حبيش المتقدمة في حديث السنن (2) فإنها كانت مشهورة بكثرة الاستحاضة والسؤال عن مسائلها في ذلك الزمان كما يفهم من الحديث المشار إليه ويكون ذكر الصلاة والسلام بعد لفظ فاطمة في الخبر المذكور ناشئا من توهم بعض الرواة ونقلة الخبر أنها فاطمة الزهراء (عليها السلام).
وأما الاشكال الثاني فقد أجيب عنه بوجوه: (الأول) - ما ذكره الشيخ في التهذيب حيث قال: " لم يأمرها بقضاء الصلاة إذا لم تعلم أن عليها لكل صلاتين غسلا ولا تعلم ما يلزم المستحاضة، فأما مع العلم بذلك والترك له على العمد يلزمها القضاء " واعترضه في المدارك بأنه إن بقي الفرق بين الصوم والصلاة فالاشكال بحاله وإن حكم بالمساواة بينهما ونزل قضاء الصوم على حالة العلم وعدم قضاء الصلاة على حالة الجهل فتعسف ظاهر.
(الثاني) - ما أجاب به المولى الأردبيلي من أن المراد لا يجب عليها قضاء